صناعة الخطوط الرقمية موضوع مركزي أتطرق إليه في هذه المدونة بين حين وآخر. ولعلي تكلمت طويلاً في هذا الموضوع ولم أدخل الى صلب الموضوع وهو طريقة الصناعة الفعلية للخطوط الرقمية من حيث الإجراءات والأدوات والخطوات والإعتبارات العديدة وبهدف صناعة خط فعلي كمثال على الإرشادات. فإن كان لا يزال عندي رصيد في مجال اهتمامكم فعلى بركة الله ولنتوكل على الله ونشرع بصناعة خط رقمي إبتداءاً من الصفر المطلق. (بررررررر)
الفكرة
كلمة “الفكرة” كلمة خفيفة لطيفة ولكنها مهمة جداً حيث أنها الأساس في كل شئ. والفكرة عندي هنا هي تحويل خط طباعي قمت بتصميمه قبل سنين عديدة للإستخدام في برنامج الرسم الهندسي المشهور: أوتوكاد. وقد سميّته “كوفي حديث” في ذلك الوقت. وأقوم الآن بتحويله الى خط رقمي بصيغة أوبن تايب وبإسم جديد هو “بانية” كما ذكرت في التدوينة السابقة.
واستوحيت الخط يوم صممته من الخط الكوفي الهندسي. وأظنه يختزن بعض صفات الكوفي الحقيقية على خلاف العديد من الخطوط الحديثة التي تسمي نفسها كوفي لمجرد الطابع الهندسي الذي تتميز به. واستخدام وصف الكوفي في الخطوط الحديثة أمر جدير بالبحث وسأتطرق إليه بشكل معمق في تدوينة لاحقة إن شاء الله.
المنطلق
منطلقنا سيكون من المعرفة المتاحة في تصميم الخطوط الرقمية. وتحديداً فيما يتعلق بتصميم الخط العربي البيسط الذي يتصل كل حرف فيه مع الحروف المتصلة الأخرى عبر الإتصال الأفقي فقط. ومع توافر المعرفة نستطيع التوسع اللاحق نحو تصميم خطوط أكثر تعقيداً وذلك باستثمار أكبر لإمكانيات تكنولوجيا الأوبن تايب.
لربما كان منشأ فكرة الخط العربي البسيط من الآلة الكاتبة الميكانيكية القديمة. ولمحدودية عدد المفاتيح التي يمكن وضعها في لوحة المفاتيح فقد كان تحديد عدد الحروف معياراً تصميمياً أثر على شكل الخط. وقد نقلت محدودية عدد المفاتيح الى تكنولوجيا اللاينوتايب والتي تم من خلالها تصميم خط الحرف العربي البسيط الذي يختصر أشكال المحارف الى إثنين. وبالرغم من أن هذا لم محدداً مع دخول التكنولوجيا الرقمية في مجال الخطوط الطباعية إلا أن الطراز البصري والتصميمي الذي تركته المحددات السابقة تدفعنا الى محاولة إكتشاف إمكانيات بصرية أفضل ضمن هذه المحددات.
مقدمة سريعة
وقد قمت بإعداد العرض السريع في أدناه والذي يوضح بعض النقاط المفيدة التي نتعرف عليها قبل البدء بالعمل الفعلي على المشروع.
يسمي باسكال موقعه 29 حرف بالإشارة الى عدد الحروف العربية في الغالب. وكما قد تعلمون فإن الناس على خلاف في شأن عدد الحروف العربية بين القائل بـ28 حرفاً والقائل بـ29 باعتبار الهمزة حرف. وأنا شخصياً أكثر ميلاً الى 29 حرفاً لا لأني اليوم أكتب عن باسكال زغبي ولكن لأني أرى أن الهمزة والالف صوتين مختلفين لفظاً ويستحق كل منهما شكلاً كتابياً مميزاً أيضاً. ولكن لا بد أن أعترف أيضاً بأني لست الخبير المحنك في هذا المجال. ومن جانب آخرلا بد أن أقول بأن دراستي للمخطوطات القرآنية القديمة أظهرت لي بأن الهمزة لم تكن تكتب أصلاً ولذا كانت الألف ترمز للألف والهمزة وتلفظ تارةً ألفاً وتارةً همزة بحسب الموقع. والأعجب في المقابل أن معاجم ألفاظ القرآن تصنف الحروف على الهمزة دون الألف، فما هو الصحيح إذن؟ تريدون رأيي: كلا القولين صحيح وليعد كل منّا الى داره سعيداً. والفرحة أيضاً تزيد حينما نعلم أن بعض اللهجات العربية الحديثة قد وجدت فائدة إضافية للهمزة حيث تستبدل مكان القاف للإمعان في الترقيق، كما في المثال التالي:
العراقي: “يا أخي هاية الدنيا كلها مآسي”… المصري: “ليه هو انت مئاسك كم يعني؟”
الحظ يبتسم عدة مرات
قليل من الشباب المصمم للخطوط العربية ممن استعرضنا أعمالهم في هذه المدونة قد أتيحت لهم الفرصة كما أتيحت لباسكال زغبي. فقد توفق باسكال الى العديد من المشاريع المهمة ولعل أشهرها هو اعتماد نظام تشغيل الآندرويد لخطوطه في تعريب هذا النظام.
وقد قام باسكال بتصميم خطين للآندرويد سمي الأول درويد كوفي. وتصفصفحة جوجل فونت هذا الخط بأنه مناسب للتظهير مع الخطوط اللاتينية بنفس الحجم لاتساع فتحاته (في الحروف المغلقة كالميم والعين والفاء والقاف وغيرها) ولارتفاع أسنان السين وحروف الكرسي. وهذه الخصائص تغني المستخدم للنظام من تكبير وتصغير الشاشة لاستيضاح الحروف العربية بحسب قول الصفحة.
وقد شدني تصميم الخط لمظهره الحديث حيث كتبت تدوينة سريعة في هذا الشأن. ولم أكن أعرف حينها أن الحرف من تصميم باسكال. ويبدو أن الأمر لم يدم طويلاً حتى تم استبدال هذا الخط بخط آخر من تصميم باسكال سمي درويد نسخ. ويبدو تأثير حرف ياقوت على التصميم حيث أن خط درويد نسخ من نفس عائلة خط ياقوت.
وفي الصورة أدناه نرى خط درويد نسخ في الإستخدام الحقيقي المصمم له. ويتميز هذا الخط بتفاوت جيد بين الوزن الإعتيادي والثقيل حيث يظهر مكان الوزن الثقيل واضحاً في مساحة النص للتأكيد على العبارات المختارة للعرض بهذا الوزن.
ولباسكال زغبي عدد آخر من الخطوط نستعرض قسماً منها في الشكل أدناه. ولكن أغلب تصاميمه تترواح بين ثلاث نقاط استقطاب. الأول هو خط ياقوت من تصميم نجيب (ربما نحيب أو نهيب – لست متأكداً) جارودي، وهو الخط الناجح الذي شكل مسار العديد من التصاميم الذي تلته، والنقطة الثانية هي أعمال تصميمية في الجانب المتطرف من طيف الخطوط العربية كأعمال نصري خطاروالذي يعيدها باسكال الى الحياة بحماس عقائدي، وأخيراً هناك القطب المؤثر الثالث وهو الحرف اللاتيني حيث تذكر “المزاوجة التيبوغرافية” كما يسمونها حول أعمال السيد باسكال زغبي.
الجرافيتي
وهي الكتابات التي يسرنا أن نراها على حائط الآخرين ونسب من كتبها على حائطنا. وأنا شخصياً حتف من يكتب الجرافيتي على حائط بيتي. أما باسكال فقد وجد من يكتب معه كتاباً عن الجرافيتي العربي، وهو مدخل لم يسبقه أحد من الكتاب إليه. والخط الجرافيتي العربي نمط خطاطي جديد لا يتبع قواعد الخطوط العربية التقليدية وهو على ما أحسب إحدى المبادئ العقائدية عند باسكال. وبمناسبة العقائدية فالجرافيتي هو متنفس أصحاب العقائد المظلومة ومنبر من لا منبر له، كقناة الجزيرة بالضبط.
ختاماً بقي أن نذكر بأن باسكال له أنشطة ثقافية وتعليمية تجدون روابطها على موقعه. ومثال على أعماله قصة الخط والطباعة العربية بحسب روايته على هذا الرابط.
كما أحب أن أنتهز فرصة قدوم عيد الأضحى المبارك لتهنئة المسلمين على صبرهم على بلواهم داعياً المولى رب العباد جميعاً أن يصلح حالنا كله وأن يعيده علينا وقد خرجت الأمة مما فيها اليوم من غمة.
حسناً، قد يكون الأجدر لي أن أجري مقابلة مع شخص حقيقي بدلاً من أن أجري هذه المقابلات مع نفسي كما حدث في التدوينة السابقة. والمقابلة اليوم مع المصممة الطباعية بشرى الصغير لنسألها عن بعض القضايا التي تهم المصممين الطباعيين من الشباب. وقد تولد اهتمامي بإجراء هذه المقابلة بعد أن أعلمتني الأخت بشرى بمشروعها الذي أنجزته وهو خط دارج. وقد وجدت عندها مزية المبادرة في السؤال والبحث حيث تضمنت رسائلها العديد من الأسئلة التي أرجو أن أكون قد وفقتُ للإجابة عليها. وقد حان دوري الآن لأتوجه بالأسئلة ولذا أرسلت إليها اسئلة هذه المقابلة التي تفضلت بالإجابة عليها كما يلي.
س: هل يمكن أن تعطينا فكرة عن تحصيلك العلمي وعملك الحالي وكيف تولد الإهتمام عندك بالخطوط الطباعية؟
حالياً أعمل أعمالاً حرة في تصميم الجرافيك، حصلت لتوي على درجة البكالوريس في تصميم المطبوعات و الوسائط المتعددة من جامعة الدمام. اهتمامي بالخط العربي و بالفنون الإسلامية عموماً وجدته في نفسي منذ صغري و أعتقد أن تربيتي في بيئة متدينة تعزز الهوية بشكل كبير ساهمت كثيراً في ولادة هذا الاهتمام، أما الاهتمام بالخطوط الطباعية فهو اهتمام جديد بعد أن تخصصت في الجرافيك، حيث أنني قبل ذلك لم أفكر أصلاً أن الخطوط الرقمية تصمم و يعمل عليها -طبعاً منطقي أن كل منتج لا بد له من صانع لكن مجرد أن ذلك لم يخطر ببالي- لكن استوعبت وجود هذا المجال عندما بدراسة مادة التايبوغرافي. بطبيعة الحال لكون تخصص الجرافيك جديداً عندنا و لكون الدراسة بالإنجليزية كان كل التركيز على التايبوغرافي اللاتيني، درسنا مصطلحاته و تاريخه و لفت انتباهنا إلى الفروق الدقيقة بين الفونتات المختلفة، كل هذا جميل و لكن أين العربية من الموضوع؟ في مادة التايبوغرافي الثانية عرجنا على مشاريع عن التايبوغرافي العربي لكنها لم تشف غليلي حيث كنت أريد المزيد من المعلومات أكثر من الأسلوب التجريبي الذي كنا نتبعه، هنا بدأت بالبحث و بدأ الهوس حيث أن المعلومات التي كنت أجدها قليلة لكنها ثمينة لندرتها. و مع اتجاهي أكثر للتصميم بالعربية و استمتاعي بالتصاميم التايبوغرافية أكثر من غيرها واجهت مشكلة قلة التنوع في الخطوط الرقمية العربية و وجدته مجالاً مفتوحاً على مصراعيه. زارنا الأستاذ توماس ميلو و زوجته ميريام في الكلية و حدثانا عن رحلتهما مع الخط العربي و عن برنامج “تصميم” الذي ابتكرته شركتهما ديكوتايب، كان ذلك دافعاً كبيراً لهذا الاهتمام عندي.
س: تصميم الخطوط الطباعية نادي رجالي في الغالب، فما سبب قلة النساء في هذا المجال في رأيك وهل ترين مجالاً أوسع للنساء في المستقبل في تصميم الخطوط الطباعية؟
و الله أنت أعرف و أخبر مني لكن من معرفتي البسيطة لا أظنه نادياً رجالياً فبعض أشهر الأسماء التي مرت علي في هذا المجال هي أسماء نساء مثل هدى أبي فارس و نادين شاهين و يارا خوري و ميريام سومرز، أظن المجال مفتوحاً لأي مهتم خاصة أن جزءاً كبيراً منه إلكتروني مما يسهل تعلمه و المشاركة في بدون عوائق لأي مهتم.
س: خط دارج هو مشروعك الأول في تصميم الحروف الطباعية. لماذا جعلتي خط اليد أساس التصميم؟
لأن خط اليد أحد الأساليب التي لاحظت ندرتها الشديدة في مكتبة الخطوط الرقمية العربية مع أن لخط اليد ميزات كثيرة في التصميم و يعطي لمسة شخصية إنسانية محببة أينما استعمل. و بالنسبة لدارج بالذات اخترت خط اليد لأنه يلبي ميزتين أساسيتين أردت توفيرهما فيه و هما البساطة -التي هي سمة التصميم الحديث- و الثراء بتراكيب الخط العربي التقليدي.
س: من هو (أو هي) مصمم الحروف الذي أثر عليك أكثر من أي مصمم آخر؟ وماذا تحديداً في عملهم كان مصدر الإلهام؟
ربما كان اللبناني كميل حوا و الأردني حسين الأزعط أكثر مصممين ألهماني و أثرا في أسلوبي، حتى أنني غالباً عندما أبدأ العمل على شعار أو غيره أتصفح بورتفوليو الأزعط و بورتفوليو أعمال المحترف -دار النشر التي يديرها كميل حوا- ثم أبدأ برسم أفكاري. كلا هذين المصممين تحمل أعمالهما روحهما بوضوح و تشعر حين تطلع عليها أنها فن عربي خالص و ليس مستورداً -أعترف أني مصابة بالعنصرية المضادة إلى حد ما-.
س: كيف تقيّمين حال الخطوط الطباعية العربية في الوقت الحالي؟ وما هي الأسباب في رأيك التي جاءت به الى هذا الحال؟ وكيف ترين مستقبل الخط الطباعي العربي؟
يناسب هذا السؤال الحديث عن العنصرية المضادة، حسب علمي البسيط أظن أن مجال الخطوط الطباعية العربية بدأ يشهد اهتماماً أكبر خلال السنوات الماضية و إن كانت مكتبة الخطوط العربية ما تزال فقيرة حتى الآن. ما يقلقني أن رواد هذا الاهتمام الذين لهم أشهر الانتاجات و المؤتمرات و الكتب و غيرها هم أصحاب الاتجاه الغربي في التصميم. مع الاعتراف لهم بالجميل لتوعيتهم بأهمية هذا المجال و اهتمامهم الكبير به إلا أن رأيي أن الخط و اللغة من صميم هوية الأمة فيفترض أن يورد الاهتمام به من المورد الذي يحفظ روحها و يعززها. عندما تسمع لخطاط يتحدث عن الخط العربي يخيل إليك أنها موعظة روحية و ليست حديثاً عن الخط، بينما إذا قرأت كتاباً أو مقالاً عن التايبواغرافي العربي لهؤلاء الرواد ستجده مكتوباً بالإنجليزية أولاً -أو بعربية مهشمة- و ثانياً يتعامل مع الكتابة العربية بقواعد الكتابة اللاتينية و ثالثاً يتحدث بصيغة مادية تسويقية لا روح فيها. يقلقني هذا الأمر كثيراً خاصة محتوى الكتب و القواعد التي يضعها الرواد لأني أعلم أنها هي ما سيدرس لطلاب هذا المجال في المستقبل القريب. لذلك أرجو أن أساهم -كما قلت في تدوينتك الأخيرة- في بناء قاعدة معرفية بهذا المجال من المورد الذي أراه مناسباً أكثر.
س: هناك “مدارس” – إن جاز التعبير- في تصميم الخطوط الطباعية العربية. فمثلاً هناك من يحاول تطويع التقنيات الحديثة وخاصة الـOpenType لإنتاج خطوط طباعية تحاكي الخطوط التقليدية وخاصة النسخ مئة في المئة من أمثال توماس ميلو. وهناك مدرسة أخرى في المقابل تدعو الى المزاوجة التيبوغرافية وتحوير الخط العربي ليتلائم مع الخط اللاتيني. أي من هذه المناهج صحيحة في نظرك؟ وأي منها يمكن أن يفضي الى خطوط طباعية عربية جميلة؟
أقدر كثيراً المدرسة الأولى و أجد ما أنجزته مذهلاً خاصة لكون أصحابها ليسوا عرباً، لكني لا جد نفسي في العمل في مجالها خاصة و أن جزءاً كبيراً منها يتعلق بابتكار برمجيات لا أفقه بها. هذه المدرسة أساسية في مجال الخط الطباعي برأيي لأنها تنقل إرثنا الخطي تقنياً لكنها بالتأكيد ليست كافية وحدها إذ لا بد من ابتكار خطوط حديثة.
أما عن المزاوجة التيبوغرافية فأظن أن “شهادتي فيها مجروحة” بسبب عنصريتي المضادة.
كما قلت في إيميلك لي لا أرى السبب الذي يدعو إلى لي عنق الخط العربي ليحاكي الخط اللاتيني بينما المفروض أن يحاكي الإثنان بعضهما ليصلا إلى نقطة في المنتصف أو حتى أن يستخدم خطان يعطيان نفس الشعور من اللغتين كمزاوجة بدلاً من جعل أحدهما يشبه الآخر. رأيت مرة صورة لوثيقة بيع من القرن الماضي تحمل اسم الشركة بخط الثلث بالكتابة العربية و بكتابة كيرسف تقليدية باللاتينية و كان الخطان متناغمان تناغماً جميلاً، و مثال آخر أعجبني هو تعريب شعار ماركة بي اتش اس بالخط الديواني على ما أعتقد و الذي أعطى نتيجة ممتازة.
لا أحب أن أكون مندفعة، المزاوجة التيبوغرافية مهمة -و بالمناسبة فقد صممت خطاً إنجليزياً رديفاً لدارج عندما لاحظت أهمية ذلك لكتابة متناغمة و سليمة- إلا أنها كذلك لا ينبغي أن تكون في اتجاه واحد دون الآخر. و عند التصميم باللغة العربية فقط فأنا لا أفضل أن تستخدم أحد خطوط المزاوجة التيبوغرافية لأن سببها انتفى و أفضل استخدام خط يحمل روحاً عربية.
س: أي من الخطوط الطباعية العربية المتوفرة حالياً أعجبك أكثر من غيره وكنت تتمنين أنك صممتيه بنفسك؟
ربما خط “متحف” الذي صممه مكتب طارق عتريسي للمتحف العربي للفن الحديث في قطر. لكونه يحاكي خط اليد فقد كنت أرجع إليه أثناء تصميم دارج لأفهم خاصة كيف يكون ترابط الحروف مع بعضها سلساً و واقعياً. من هنا:
بعض الخطوط الأخرى أعجبتني أيضاً و أستخدمها أكثر من غيرها مثل “إيران نستعليق” و “المعلا” و “نازلي” لكن لم أتمنى أن أصممها بعد لأني أجد نفسي أكثر في تصميم الخطوط التي تعتمد على العفوية أكثر.
س: لفائدة الشباب والشابات من المهتمين بصناعة الخطوط الطباعية، هل يمكن أن تذكري باختصار كيف صنعتي خط دارج؟ هل بدأت بتخطيطات على الورق؟ وكيف تم تطوير التصميم على الحاسوب؟ وما هي الأدوات من أجهزة وبرامجيات التي استخدمتيها في تطوير الخط؟
بدأت بنص مكتوب على الورق يحتوي على أغلب الحروف العربية، أدخلته إلى برنامج الإلستريتر و حولته من راستر إلى فيكتور ثم بدأت باستخراج كل تشكيلات الحروف من النص و تصنيفها إلى حروف ابتدائية و متوسطة و أخيرة و منفصلة. بعدها بدأت العمل على تضبيط نسب هذه المحارف و وصلاتها مع بعضها. ثم انتقلت إلى مرحلة البرمجة و هنا اعتمدت اعتماداً كلياً على شرح الأخ بدر عرابي و الأخ عبدالرحمن عامر على اليوتيوب لبرنامجي فونت كرييتور و ماكروسوفت فولت. هذه هي الخطوات باختصار شديد، بعض التراكيب لم تعمل معي كما يجب في النسخ الأولى للفونت لكن تواصلت مع الأخ عبدالرحمن جزاه الله خيراً و ساعدني مساعدة بالغة في تصحيح أخطاء البرمجة و تكميلها.
س: نصيحتك الأخيرة للشباب والشابات هي:
هذه التجربة القصيرة منحتني يقيناً بأن كل شيء قابل للتعلم، و أغلب الأشياء يمكن إنجازها إذا كان لديك الشغف الكافي. الإنترنت يقدم مصدراً مفتوحاً لتعلم أي شيء ممكن أو غير ممكن، و مع أن المصادر التي تتناول التصميم الطباعي العربي نادرة على الإنترنت -و حتى على أرض الواقع- إلا أنني استطعت تعلم ما يكفيني لأصمم و أبرمج دارج خلال مدة قصيرة و لله كل الحمد و المنة.
و من الناحية الأخرى استوعبت قيمة مشاركة الشخص معارفه مع الآخرين، إذ أن أغلب المصادر التي اعتمدت عليها في ذلك هي جهود و معارف شخصية لأفراد مثل مدونتك و مثل شروح بدر عرابي و عبدالرحمن عامر فجزاكم الله كل خير. و أنوي أن أبدأ مدونة قريباً أجمع فيها ما يمكنني أن أعلمه غيري في التصميم و التصميم الطباعي و الأعمال اليدوية بإذن الله و عسى يصلكم أجرها بما علمتموني هذا الدرس.
ختاماً نشكر الأخت بشرى الصغير وندعو لها ولأهلها وبلدها في هذه الأيام المباركة – العشرة الأواخر من شهر رمضان – بالتوفيق والخير والبركة والقبول.
تحدثنا في تدوينة سابقة عن جهاز الجالكسي تاب وعن الخط العربي المضمن فيها. وأريد اليوم أن أعرض جهازين أخرين تسنى لي الحصول عليهما وفي كل منهما خط طباعي عربي جديد. والحهازان هما هاتف جوال من نوع نوكيا والذي اقتنيته لاحتوائه على نظام تشغيل ويندوز الخاص بالهاتف (Windows Phone). ولي فكرة بتطوير بعض التطبيقات عليه. أما الجهاز الثاني فهو جهاز حاسوب لوحي مع هاتف جوال مضمن من نوع آسوس (Asus).
وكما تعرفون أحسن مني فقد عوض جهاز الهاتف الجوال (الخلوي أو النقال إن شئت) عن الكثير من الأجهزة التي يستخدمها الناس في العادة. ومن بين الأجهزة التي أدمجت وظيفتها في الجوال الحديث هو أجهزة التصوير أو الكاميرات، وأجهزة الإستماع والتسجيل الصوتي فذهبت أيام السوني واكمان (Sony Walkman) أدراج الرياح مع أنك تستطيع الحصول على جهاز رقمي منه.
ولعل الحواسيب المحمولة في طريقها الى الإنكماش والإستخدام المتخصص، حيث أن أجهزة الحواسيب اللوحية بدأت تأخذ محلها. ومنذ شهر زارني تاجر الكراكيب وكان من بين ما عرضت عليه هو شاشة حاسوب سامسونح والتي رفض أن يأخذها قائلاً أنها غير مطلوبة وحتى إبنه الصغير صار يستخدم الحاسوب اللوحي.
ويبدو أن هذا هو واقع الحال. فإن الطلب على الحواسيب اللوحية أصبح هاجس تسويقي مهم بالنسبة للمصنعين. وها هي الشركات تتنافس بينها لتقديم الأفضل بتطوير إمكانيات منتوجاتهم. ويبدو أن خطوط الطباعة العربية نالت نصيباً من هذا الإهتمام، حيث أني لاحظت أن الأجهزة الجديدة جاءت متضمنة لخط طباعي عربي مقبول الى حد كبير.
منذ فترة سألني أبو أحمد وهو أحد قرّاء هذه المدونة عن رأيي في خط تاهوما. أجبته حينها بعد مراجعة سريعة للخط وبحث عن خلفية تصميمه بما مؤداه أن الخط صمم أصلاً للاستخدام على شاشة الحواسيب في صفحات الإنترنيت وفي واجهات برامج الحاسوب، أي الصناديق والمربعات وحقول الإدخال التي توفرها البرامج للمستخدم للتفاعل معها. وكان رأيي حينها (ولا يزال) أن خط تاهوما لا يصلح للاستخدام في العناوين لأنه يبدو غير متناسق.
إسأل مجرب (واسأل خبير – فإنك لن تخسر شيئاً)
وبعد جوابي للإخ أبو أحمد بفترة قصيرة شرعت في مشروع استغرق كل اهتمامي وجهدي وأبعدني عن أمور كثيرة أحبها ومن ضمنها التدوين. ولن يتفاجأ قرّاء هذه المدونة حينما أطلعهم على مشروع برمجي جديد بين الحين والآخر. فقد تعودوا على ذلك. وهذا المشروع الأخير واسع بعض الشيء وتضمن جوانب تصميمية عديدة قد يجد فيه محبو التصميم الطباعي بعض الجوانب المفيدة. ولذلك فسأحاول عرض هذه الجوانب في حلقات متتابعة. واليوم وبعد شهور عديدة من البرمجة وتصميم مكونات واجهة الاستخدام أستطيع أن أضيف ملاحظة بسيطة لما يتعلق بخط تاهوما. فحين يفشل خط تاهوما في الاستخدام العام وفي العناوين فقد وجدت أنه مناسب جداً في المكان الذي صمم من أجله، وتحديداً في الأحجام بين 9 الى 12 في صفحات الإنترنيت وفي صناديق الحوار (Dialog Boxes).
النص القرآني في واجهة إستخدام البرامج
إن ثبات ترميز الحروف باستخدام اليونيكود قد فتح أبواب مغلقة. فقد قام مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عملاً عظيماً في إتاحة النص القرآني كاملاً مع خطوط لإظهار النص بالخط العثماني وبالترميز المعياري اليونيكود. وتستطيع زيارة موقع المجمع للإطلاع وتحميل خطوط القرآن الكريم. هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد قامت شركة مايكروسوفت باعتماد ترميز اليونيكود للنصوص في منصة Net. وقد سهل هذا كثيراً تطوير البرامج التي تستخدم اللغة العربية. وقد وجدت اختلافاً كبيراً بين هذه المنصة ومنصة VB6 القديمة والغير صديقة للعربية. وبتوفيق الله سبحانه أستطعت أن أستخرج النص القرآني كاملاً من ملف وورد الذي قام مجمع الملك فهد بتنضيده وذلك باستخدام منصة VB.Net حيث خزنت النص في ملف بهيئة XML للاستخدام في البرنامج الذي أقوم بتطويره. وفي ما يلي مثال لملف النص القرآني بهيأة XML والذي يسهل معالجته برمجياً:
بعد تنسيق بسيط بيننا قدر لي أن ألتقي قبل رمضان مع المصمم المبدع حسين الأزعط. في عمّان. وكانت أمسية جميلة أكتشفت خلالها أن حسين كما يبدو من أعماله المنشورة ملئ بالأفكار غنيّ في العطاء. وقد جلسنا نتبادل الأفكار والمشاريع حيث عرض لي العديد من أفكاره المنفذة والتي يأمل أن ينفدها. وقد تفاجأت مفاجأة سارّة بإحدى مبادرات حسين وهي مبادرة “واجهة” التطوعية والاجتماعية، والتي تهدف لمساعدة المجتمع باستخدام التصميم.
وقد كان من المناسب أن أقوم بتسجيل لقائي مع حسين الأزعط كمقابلة ولكن كم منكم يريد أن يرى كهلاً مثلي يتحدث الى هذا الشاب الموهوب. لذا وعوضاً عن هذا أقتبس هذا اللقاء معه من الإنترنيت لتعريف زوار هذه المدونة بالأستاذ حسين:
ومما أثر فيّ أيضاً في لقائي مع حسين هو كرمه ولطفه حيث أنه قد قرأ في تدوينة سابقة بأني لم أظفر بكتاب التصميم الطباعي لهدى أبي فارس وأحظر الكتاب معه ليعيرني إياه. وحينما سألته كيف حصل عليه قال بأنه حصل عليه مباشرة من هدى حيث أنه يتراسل معها. وغير هدى أبي فارس ممن يعرفهم حسين في مجال التصميم كثيرون فنرى بأنه قد جمع خير الموهبة وخير المعرفة والعلاقات بما هو مثالي لمحترف مقتدر ممن هو مثله.
خلافه: تصميم الخط العربي للمبتدئين
وبعد استمتاعي بإطراء الأستاذ حسين الأزعط بما هو قليل في حقه حان لي أن أعبر عن خيبة أملي في كتاب “تصميم الخط العربي للمبتدئين – الدليل المصور” من إعداد هدى أبي فارس. وبعد الإطلاع على الكتاب حمدت الله أني لم أعثر عليه في جولتي التسوقية في بيروت. فقد أكتشفت أن الكتاب في الواقع مجرد مزحة . ويكفي أن تعرف بأن عنوان الكتاب خادع ولا يفهمك حقيقة المادة التي يعرضها في الداخل. ففي الوقت الذي تظن أن الكتاب سيعطيك معرفة عملية لتصميم الخطوط العربية تكتشف بأنه لا يعدو أن يكون مقالة خبرية طويلة وعريضة عن ورشة نظمتها هدى أبي فارس في دبي بالشراكة مع ستوديو تشكيل. ولا يزيد الكتاب في أن يعرض لك أعمال المشاركين في الدورة من طلاب وصور عن عروض الأساتدة الكرام الذين شاركوا فيها. ويريد أصحاب الكتاب أن تدفعوا 37.5 يورو ثمن الكتاب لتتفرجوا على أعمال المبتدئين الذين دفعوا هم ما يزيد على 1500 دولار ثمن المشاركة في الدورة (وثمن الظهور في الكتاب).
الحق يقال
لربما كنت قاسياً في حكمي على الكتاب وعلى أصحاب الفكرة. ربما. ولذلك لا بد لي أن أقول أيضاً بأني قد قرأت لأبي فارس مقالة تظهر من خلالها معرفة جيدة عن الخطوط العربية. كما أن لها مبادرات جيدة من خلال المعرفة التي تنشرها عن الطباعة العربية من خلال موقعها خط(.)نت. ويبدو أن مبادرتها هنا من خلال هذا الكتاب قد أخفقت. على الأقل في تقديري. ولمن أراد أن يطّلع على الورشة التي تتولد عنها هذه الكتب فيمكن أن يحكم بنفسه بعد زيارة موقع تشكيل.
لا أريد أن أبدو كإبن بطوطة في تسجيل رحلاتي على هذه المدونة ولكنني تابعت ما قد بدأت به في رحلة بغداد خلال زيارتي الأخيرة الى بيروت وعدت منها الى داري بحصيلة ثلاثة كتب عن الخط والطباعة أحب أن أعرضها عليكم. وسفرياتي هذه لم تكن من باب السياحة ولكنها كانت بحكم عملي في منظمة دولية تعمل في المنطقة. وأحب أن أستفيد من فراغ الوقت خلال هذه السفرات في البحث عن غنيمة معرفية تعوض تعب السفر وجهد العمل.
وعلى امتداد شارع الحمرا وابتداءً من الجهة الغربية باتجاه الشرق على الجانب الأيمن من الشارع هناك أربعة مكتبات أمر عليها مرور النحلة التي تبحث عن الرحيق. والمكتبة الأولى هي فيرجن (ميجاستورز على ما أظن) ثم المكتبة الشرقية ثم مكتبة أنطوان ثم مكتبة ثالثة لا أعرف اسمها ومدخلها يشبه مدخل المكتبة الشرقية من حيث درجات السلم النازلة.
وقد كان هدفي في البداية هو الحصول على الدليل المصور لتصميم الخطوط العربية الذي اعده جماعة أظن أن قسم منهم من الأيوبيين. ولا يذهب خيالك بعيداً بعد ذكر ابن بطوطة الى أنه لا يزال هناك من سلالة الأيوبيين من يؤلف كتباً عن الطباعة العربية. فالأيوبيون هم الطائفة المنصورة من خريجي جامعة الـAUB المفضلون لدى مستهلكي تصاميم الخطوط العربية من أمثال لاينوتايب والبي بي سي وغيرهم وقد ذكرناهم بما يليق بهم سابقاً.
وقد تفاجأت بأن الكتاب غير متوفر في مكتبات الحمرا في بيروت بالرغم من أن الكتاب قد أطلق في ذات المدينة منذ شهر. إلا أن عدم عثوري على الكتاب لم يحبط شهيتي لشراء الكتب وخرجت من جولتي بحصيلة ثلاث كتب نفيسة.
الكتاب الأول: كتابة كلام الله (David Roxburgh, Writing the Word of God)
وأول ما سمعت بهذا العنوان كان في كتاب الخط الإسلامي لشيلا بلير الذي تحدثت عنه في هذه التدوينة. والعنوان جذاب لما يعكس من نفرة المسلمون الأوائل لإيجاد الوسيلة اللائقة بكتابة كلام الله العظيم في قرآنه. ويبدو أن الكتاب صدر مصاحباً لعرض في متحف الفنون في هيوستن. والكتاب صغير الحجم ويعرض في عجالة تطور الخط العربي من الخط الكوفي الى الخطوط اللينة كالمحقق والريحاني. وسلسلة التطور التي يعرضها هي السلسلة التقليدية على منهج البحث الغربي في الخط العربي والتي تبدأ بالخط الحجازي ومن ثم الخط الكوفي في الفترة الأموية والعباسية وحتى مدرسة بغداد حيث يتوقف عندها ولا يمضي الى ما أضافته فارس والأتراك الى الخط العربي.
كما يترك الكتاب ما ترك غيره من عدم التعرض لشرح انتقال الخط العربي من النقوش المرتبكة التي غالباً ما تعرض علينا في كتب تاريخ الخط كنقش النمارة ونقش زبد الى الخط المتوازن المتمثل في مصاحف الخط الحجازي. ولا يزال في تقديري هناك حلقة مفقودة من تاريخ تطور الخط العربي قد يصعب الحصول على نماذج منها. فمع علمي بأن المسلمين قد أتلفوا عن قصد كل ما كان قد كتب من آيات على الجلود والعظام وغيرها في وقت جمع المصاحف الأربعة المشهورة، إلا أن هناك إشارات تاريخية عديدة الى مخطوطات قبل الإسلام وفي أول أيامه لم يتح لي لحد الآن رؤية نماذج موثوقة منها.
الكتاب الثاني: سيد الحب (Nja Mahdaoui, Le Maître d’amour)
يبدو أن هذا الكتاب هدية من نجا المهداوي الى شيخ من شيوخ المتصوفة من أصحاب الطرق وهو باللغة الفرنسية وهو أمر لا يهم ضمن مجال ما نحن فيه ولكن المهم أن نجا قد كشف لي سر ضربة ريشته.
وقد اجتهدت في مقالتي السابقة “كيف تصبح نجا المهداوي” في معرفة تفصيل الأشكال الخطية التي يستخدمها لكي أحاكيها في فرشاة أدوبي إليستريتور. ومشكلتي كانت حينذاك هي أن كل ما كان معروضاً من صور أعماله فهي تغطي العمل كاملاً وتضيع فيها التفاصيل الصغيرة التي يحيك منها نجا أعماله. وهذه إحدى مميزات فن نجا المهداوي. فأعماله مهما كبرت هي في الواقع بناء متماسك مؤلف من وحدات صغيرة هي هذه الضربات الخطية التي حاولت أن أفكك سرها.
وفي هذا الكتاب يقدم نجا لي هذه التفاصيل على طبق من ذهب (حرفياً). فالكتاب مطبوع في غالبه بالأسود والذهبي والأحمر وشئ يسير من ألوان أخرى. ويتضمن الكتاب أعمالاً بأحجام متنوعة كما يقرب تفاصيل بعض الأعمال حتى لأنك ترى خشونة حافات الخطوط في ضربات الفرشاة. ولعلي أستفاد من هذه التفاصيل في أعمال الحروفية التوليدية والتي اقتصر فيها حالياً على وحدات بنائية مشتقة من أعمال الخطاط العراقي الراحل خليل الزهاوي.
الكتاب الثالث: عناصر التصميم الطباعي (Robert Bringhurst, The Elements of Typographic Style)
وقد تحدثت مراراً عن هذا الكتاب وكان ذلك من نسخة محملة من الإنترنيت. وقد طبعت الكتاب كاملاً وقرأته بضع صفحات كل يوم قبل النوم. وقد أعجبني وعزمت حينذاك أن أشتري الكتاب وقد قمت بذلك فعلاً عبر الإنترنيت ألا أن رصيد بطاقتي لم يكفي لتغطية كلفة الكتاب. وحينما وجدت الكتاب أمامي في مكتبة أنطوان أخذت النسخة الوحيدة بتغليفها النايلوني المحكم دون فتحها لأني كنت أعرف تماماً ما أريد أن أشتريه.
وفي ما يلي تسجيل لتقليب صفحات الكتاب (بعد فتح غلافه النايلوني طبعاً). وسيروق التسجيل لمن لديهم الصبر على ستة دقائق و إحدى وثلاثين ثانية لمشاهدة منظر تقليب كتاب عن الطباعة العربية. فالحب للطباعة العربية تبرر التضحية.
قد يكون من المناسب أن نستعرض بعض المطبوعات العربية في محاولة للإستفادة مما هو ناجح ومما هو غير ذلك في هذه المطبوعات. ومع أني أرى أن الكثير من المصممين يستخدم المطبوعات الغربية كمصدر للإلهام في مشاريعه للإتقان والإبداع المعروض في تصميماتها، فإن دراسة المطبوع العربي تمكننا من مشاهدة الخطوط الطباعية العربية في إحدى ميادين عملها، ألا وهو المطبوع نفسه.ويلعب الخط الطباعي أدوار عديدة على صفحة المطبوع، وقد أحصيت له الوظائف التالية:
مساحات النص
عناوين بتدرج منطقي
أرقام الصفحات
هوامش (علوية، جانبية، سفلية)
مربعات اقتباس
صناديق
لوائح (قوائم)
جداول
عناوين الصور والرسومات والأشكال والخرائط
كتابات الرسومات والأشكال والخرائط
زينة
—–
تقرير حالة مدن العالم
ولأجل رؤية بعض هذه الوظائف أثناء عملها الفعلي سنحاول أن نستعرضها من خلال الملاحظات على مطبوع عربي أعجبني وهو تقرير حالة مدن العالممن إصدار برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. وقد قامت شركة كينية بتصميم صفحات التقرير وأظن ذلك يعود الى أن مركز هذه المنظمة يقع في نايروبي عاصمة كينيا.
مجلة الدراسات الفلسطينية
وللمقارنة بين المطبوع أعلاه وبين مطبوع آخر أعجبني أود أن أعرض مجلة الدراسات الفلسطينية التي تركز على استعمال خط ياقوت أسود. وبهذا يكون عندنا مثالين للمقارنة بين استخدام أشهر خطين طباعيين وهما خط منى كما في التقرير أعلاه وخط ياقوت أسود كما في المثال التالي.
تسنى لي تجربة جهاز الـ Galaxy Tab 10.1 وحاولت معرفة إمكانية هذا الجهاز في استخدام الحروف العربية. وأكثر ما أعجبني فيما يتعلق بالعربية على هذا الجهاز هو الخط المستخدم عليه. وحينما استخدمت المتصفح المضمن على الجهاز كانت هذه المدونة من أول ما خطر لي أن أستعرضه. وقد كانت مفاجأة سارّة لي أن يعرض المتصفح هذا الموقع بشكل جميل حيث كان لنوع الخط المستخدم على الجهاز الأثر الأكبر في هذا تحقيق هذا التأثير الجميل.
وحيث أني لم أزل حديث الإستخدام للحواسيب اللوحية فلم يتسن لي النظر تحت غطاء المحرك لمعرفة أسم ملف الخط الذي يستخدمه هذا الجهاز. وقد قرأت في مكان ما أن مصمم الخط العربي لنظام الأندرويد هو باسكال زغبي. ولم أستطع التحقق من هذا ولكن الخط يشبه كثيراً أعمال المدرسة اللبنانية التي ينتمي إليها باسكال. وخط جهاز الجالاكسي تاب يشبه الى حد كبير الخطوط المجانية التي عرضناها للتحميل في تدوينة سابقة وهي من أعمال نادين شاهين لشركة لاينوتايب.
ولعل لشاشة الجالاكسي تاب دوراً كبيراً في إبراز جمال الحروف. وكذلك دور محرك تظهير الحروف حيث تم تمثيل حافات الحروف بدرجة عالية من النعومة. ولكن في الواقع إن إختيار نوع الخط العربي له دوره أيضاً. فتصميم الخط بتباينه القليل وانتظامه العالي ساعد في تظهير صفحة الإنترنيت بهذا الشكل الجميل والجديد. وقد بدا لي حين رأيت هذا التظهير كم هو تقصير شركة مايكروسوفت فيما تعرضه من الخطوط العربية المضمنة مع نظام تشغيلها ومع مجموعة برامج الأوفيس. فكل من خط العربي البسيط المخصص للطباعة على الورق وخط تاهوما المخصص للشاشة لا يصلحان إلا لتسقيط فريضة تطبيق العربية على نظام تشغيل الويندوز.
أستطيع القول عموماً بأن تجربة إستخدام العربية على الجالاكسي تاب كانت مثمرة وشجعتني في المضي في ما بدأت به في هذه المدونة من محاولة تحسين الخطوط العربية على الحواسيب. وقد ثبت لي أنه في الإمكان تعويض هذا النقص الواضح في مستوى الخطوط العربية وتحديداً على نظام تشغيل الويندوز.
كان من الكتب الغالية ولكني في النهاية اشتريته. صاحبة الكتاب هي شيلا بلير (Sheila Blair) وهي أمريكية متخصصة في الفن الإسلامي. وعنوان كتابها هو: الخط الإسلامي. وهي بذلك تحاول أن تشمل القوميات الأخرى التي استخدمت الحرف العربي بعد الفتح الإسلامي لبلدانها. والذي دعاني تحديداً أن أنفق المبلغ بشراء كتابها هو تناولها لتطور الخط العربي منذ تأسسه على أشكال الحروف المعروفة وحتى تطوره الى العصر الحديث.
ولا أريد اليوم أن أستعرض منهاج الكتاب حيث أني لم أنته من قراءته بعد، وسيكون لنا فرصة لذلك في المستقبل إن شاء الله. ولكن في استعراضي للكتاب تشير المؤلفة الى مرحلة تطور الخط العربي في إيران وتذكر في هذا الصدد الشاهنامة، والمعنى على ما يبدو هو: كتاب الملوك (شاه=ملك، نامة=كتاب). وللتوسع حول هذا الكتاب استعملت الإنترنيت كعادتي. وفي معرض البحث وجدت بعض التصاميم المتميزة من أعمال دايوش مختاري من إيران. ويبدو أنه معجب بالفن الإيراني القديم في صناعة المنمنمات وحاول أستلهام بعضها بواسطة رسومات خطية (فكتر). وقد صور أشياءً عديدة منها الحيوانات والنباتات وكثيراً من ملوك الفرس القدماء، ولذا جاء تسمية موقعه: شاهنامة مختاري.
ومن الملاحظ اهتمام مختاري بالحرف الكوفي المربع وقد قام بعمل بعض الخطوط التي عرضها للتحميل من هذا الرابط. وهي وإن لم تكن موفقة في وضوح الحروف العربية كالتي صممها الأردني حسين الأزعط الذي تحدثنا عنه في المدونة السابقة إلا أنها قد تفيد كأساس لتطوير خطوط أكثر وضوحاً. وقد أحببت أن أنقل من موقعه بعض التصامي التي رأيت فيها مصدراً لأفكرا تصميمية بالحروف العربية: