لأننا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

اعتدت أن أقدم الهدايا في المناسبات حينما كانت مقالاتي أكثر انتظاماً على هذه المدونة. وفي ذكرى مولد الحبيب المصطفى من العام الماضي أطلقت سلسلة تسجيلات فيديو حول الخطوط التاريخية القديمة. ومع أني لم أنجز من تلك المبادرة سوى تسجيلين لحد الآن إلا أني بفضل الله ماضٍ في التحضير لإنهاء هذه السلسلة. والحقيقة أن شواغلي كثيرة فأنا أنتقل بين عدد من المشاريع وقد حلت هذه المناسبة وأنا خالٍ هذه المرة من أي مبادرة منجزة أستطيع أن أهديها لقراء مدونتي الأعزاء.

فبحثت في جعبتي عمّا يكون ذي قيمة للآخرين أخرجه كهدية بهذه المناسبة العزيزة في هذا العام فوجدت خطي “جنين” الذي لم ينجز بالكامل. فعكفتُ عليه خلال اليومين الأخيرين لعلي أستطيع أن أهديه الى الناس اليوم مع إصدار هذه المقالة بمناسبة ذكرى المولد النبوي. فعسى أن يجد الناس في هذه الهدية فائدة وأن أجد في محبتي لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الرضا من الله.

قم بتحميل الخط من الرابط في نهاية هذه المقالة

ثم إني لا أريد أن أكون كالأطرش في الزفة فلا أشير ولو سريعاً الى ما يدور من حولنا في هذه الأيام. وهي أحداث مؤلمة أججها كل من طرفي الصراع وهما في الجريمة مشتركان سواء بسواء. فالذي أثار الفتنة واتخذ من ذريعة حرية التعبير طريقة لبث خطاب الكراهية والحط من كرامة الناس ليس بأقل إجراماً من الذي قتل وذبح. ما أكره الحياة التي يريدها كل من هؤلاء. وليعلموا أننا من كل بَراء وأننا مع رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم نحبه برغم ما فعلوا ونجّله ونعلي قدره بالحجة والمحبة لا بالكراهية والعنف.

وتصديقاً لذلك فها هو دوري في هذه المناسبة أشارك بعمل بسيط. عمل فيه جمال وعمل فيه نشر المحبة للناس – كل الناس.

خط جنين بأوزانه الجديدة

وخط جنين الذي أقدمه هدية في هذه المناسبة هو تجربة في مجال الخطوط العربية الحديثة. قمت أولاً برسم أشكاله في برنامج Adobe Illustrator ومن ثم برمجته في FontCreator. وكتبت عن ذلك مقالة مفصلة تجدها على هذا الرابط. وبعد أن أستطعت الحصول على برنامج Glyphs قمت بتغيير أشكال بعض الحروف في هذا البرنامج الذي يتميز بأدوات مناسبة لرسم أشكال الحروف مع إضافة الأوزان المتعددة من الخفيف وحتى الثقيل.

والتحدي التصميمي في النسخة الحالية هو ما يتعلق بتضمين الحروف اللاتينية. فالخطوط العربية بحكم عملها على المنصات الحاسوبية والتطبيقات المختلفة تعمل بشكل أفضل مع وجود الحروف اللاتينية فيها. وفي مقابل هذا فأنا لست من أنصار تصميم خطوط عربية لتناسب خطاً لاتينياً معيناً لأنني أصنع الخطوط العربية لذاتها تبعاً لمنطق تصميمي معين. فرأيت أن أضيف الحروف اللاتينية كنوع من أنواع الــــ place holder لتسهيل عمل خطي في التطبيقات. لذا ستجد أن الحروف اللاتينية في هذا الخط متوافقة في الوزن فقط في حين أنها لا تميل بنفس الطريقة التي تميل بها الحروف العربية إلى اليسار. ويستطيع مستعمل الخط الذي يريد كتابة كلمة بالإنجليزية مثلاً أن يختار مقطع النص عند الكتابة ويستبدله بأي خط آخر يشاء.

وفي ما يلي بعض الخربشات التصميمية باستخدام خط جنين.

إضغط على هذا الرابط لتحميل الخط في نسخته الأولى المعدلة بتسعة أوزان.

ختاماً أسأل الله العظيم القبول وأصلي وأسلم وأبارك على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

خط جنين

لربما لا أكون المصمم الوحيد الذي يشعر بحاجة الى المزيد من الخطوط العربية الحديثة. فلقد قرأت منذ فترة مقالة على إحدى المواقع تشكو فيها إحدى المصممات (باللغة الإنجليزية!) قلة البدائل وكيف أنها وجدت خلاصها في خط GE SS Two. وبالفعل تجد اليوم أكثر تصاميم الجرافيك العربية الحديثة تستخدم هذا الخط من تصميم مراد بطرس والذي أصبح جزءاً أساسياً في صندوق أدوات الكثير من مصممي الإعلانات والدعاية العربية.

ولأجل زيادة خياراتي وزيادة البدائل التي يمكن لمصمم الجرافيك العربي أن يجدها قمت بتنفيذ فكرة كانت تروادني منذ فترة طويلة. فقمت بإتمام تصميم وتنفيذ خط جنين الذي نفذته الذي يمثل واحداً من عدة خطوط أتمنى على الله أن يوفقني لإنجازها في الفترة القادمة.

ولادة الفكرة

لافتة صغيرة عالية مثبتة على عمود في إحدى شوارع بغداد لفتت نظري ذات يوم قبل ما يقارب الخمسة وعشرين سنة. وكان مكتوباً عليها بخط مبتكر كلمة “جنين” وهو إسم لمستشفى ولادة كان في المنطقة. ولربما كانت هذه اللمحة الخاطفة الأولى كافية لإطلاق عصارات أفكاري حيث خطر لي حينها أن هذا الخط يمكن أن يمثل الأساس لخط طباعي حديث. وحيث أن الافتة قد تم تنفيذها بكل تأكيد بيد خطاط أو رسام أو مصمم لأنه حينذاك لم تكن تكنولجيا الطباعة الرقمية قد استخدمت في صناعة اللافتات فقد بدا من المناسب جداً أن أقوم بتحويل الفكرة الى خط طباعي متى سنحت لي الفرصة.

الخط كما رسمه على اللافته مصمم مجهول بحروف مقطعة وغير متصلة.

وكما تعرفون جيداً فإن الأفكار وحدها لا تكفي لإنجاز شئ ما. فلا بد من سعي وجد لنقل الفكرة الى الواقع الملموس. كما حالت شواغل كثيرة بيني وبين أن أقوم بتنفيذ الفكرة في ذلك الوقت. لذا بقيت الفكرة تداعبني بين الحين والآخر، فإذا انبثقت من بين أمواج الأفكار وكان عندي القلم والورق أقوم بتخطيطات سريعة في محاولة لإيجاد الحل المناسب لتطبيق الفكرة على بعض الحروف.

لا أحصي عدد الدفاتر التي ملأتها بتخطيطات الأفكار التي أحلم بتنفيذها ومنها كان خط جنين الذي نحن بصدده.

صياغة الجوهر

وحينما لم يخفت بريق معدن الفكرة، كان عليّ تطويع الجوهر المتمثل بمزاوجة النبرات الجريئة في حرفي النون والياء مع الإنحناءات الهائلة في حرفي الجيم والنون. كما أن تجريد الحروف ذات النبرة (وهي حروف الكرسي: الباء تاء ثاء نون ياء والهمزة على الكرسي في الوضع الاولي والوسطي) بشكل خط عمودي منفصل يصعب تطبيقه على عموم الحروف إذا كان المطلوب هو المقروئية المناسبة والتي هي في الحقيقة الأساس في تصميم الخطوط. وظهرت المشكلة تحديداً في نقاط حروف الياء والتاء والثاء لعرض هذة النقاط التي تستوجب مسافة أفقية أكبر لهذه الحروف وبالتالي تباين في المسافة بين النبرات عند تشكيل حروف الكرسي بشكل متتابع. فأما الياء والتاء فكان الحل سهلاً في تكديس النقطتين الواحدة فوق الأخرى. وأما الثاء فكان لا بد من إعطاء جسم الحرف مسافة أكبر لاستيعاب حمل النقاط الثقيل. وفيما عدا هذا وتدويرة تعريقة القاف كان تطويع الفكرة على عموم الحروف ميسوراً.

البناء على ما سبق

ولم أكن أتوقع أن أنجز التصميم بالسرعة التي إنجزته بها. وكان أغلب الجهد في جانب تصميم الحروف. أما البرمجة فقد سارت بسلاسة غير متوقعة حيث اعتمدت على برمجة خط بانية الذي صنعته في بداية العام الماضي ضمن سلسلة تسجيلات تعليمية حول صناعة الخطوط الرقمية العربية. وحيث أني احتفظت بالمحارف الأربعة للمجموعة الحروف العربية في خط بانية بالرغم من عدم الحاجة إليها وتضمين ذلك في برمجة الخط فقد جاء ذلك كاستثمار مناسب حينما دعت الحاجة الفعلية الى هذه المحارف الأربعة في خط جنين والذي كان لا بد من تصميم الحروف الوسطية والمتصلة بشكل متميز للحروف ذات الإنحناءة الكبيرة في مقدمتها وذلك لتمكين الإتصال بين المحارف.

لا يضيع استثمار الوقت في تصميم الخطوط الرقمية حيث يمكن إعادة استخدام برمجة الأوبنتايب لخط معين في خط آخر.

المقارنة بين جيم خط جنين (على اليمين) مع نظيرتها في خط بانية ترينا سبب الحاجة الى تصميم المحارف الوسطية والنهائية بإضافة خط الإتصال في أسفل يمين تصميم المحرف لتمكين الإتصال بين المحارف. وحيث أن محارف خط بانية لم تكن بحاجة الى هذه الوصلة فكان من الممكن أن نستغني عن تصميم المحارف الوسطية والنهائية حيث تكفي المحارف الأولية والمنفصلة في أداء الإتصال الواجب.

ما بين القديم والجديد

ولعلكم لاحظتم تركيزي على كلمة “الحديث” في الترويج للخط الجديد. وهذا أولاً بسبب الموضوع الذي استفتحنا به هذه المقالة وهو شحة أدوات التعبير لمصممي الجرافيك العربي. ثم هناك الأسطورة التي يروج لها أكثر متخصصي التصميم الطباعي العربي من الأجانب وهي أن الخط العربي الذي لا يتطابق مع قواعد الخط العربي الكلاسيكي فهو مسخ من عمل الغرب كما يدّعون، وهذا وهم كبير.

خط جنين مناسب بشكل خاص للإستخدامات الصناعية والإعلانية.

فكما تمضي الحياة بجديدها كذلك تمضي اللغة العربية والكتابة العربية. ونحن اليوم نتكلم بطريقة حديثة هي وليدة تفاعلنا مع مستجدات الحياة. ولا تشبه عربيتنا اليوم العربية التي كتبت بها أيام ظهور خط النسخ والثلث والكوفي أول ما ظهرت هذه الخطوط. وهذا التطور في اللغة والثقافة يستلزم معه وسائل تعبيرية تناسبه وأهم هذه الوسائل هي خطوط كتابية حديثة.

وهذا بالتأكيد لا يمثل ثورة على الموروث الثقافي العزيز. فالحديث والقديم عندي غير متضادين وإنما هما امتداد واحد ونمو عضوي طبيعي. والذي يدرس تطور الخط العربي يجد أنه قد تجدد بشكل عجيب عبر مراحل تطوره من الخط المكي ثم المدني ثم البصري ثم الكوفي ثم النسخ والثلث ثم الفارسي والديواني والرقعة. سلسلة تطور عظيمة ترينا مرونة هذا الخط كما ترينا قدرات أصحاب هذا الخط على التجديد والإبداع والتطور مع ما يتطلبه التطور في الحياة.

وبالتالي فإن إنتاج خطوط حديثة تضاف الى الخطوط التقليدية الأصيلة تزيد من قدراتنا التعبيرية حيث ستكون في متناولنا موارد عديدة ومتنوعة نختار منها ما يناسب وظائف الحياة. فليس كل إنتاجنا الثقافي يتعلق بالتاريخ والموروث. وحياتنا اليوم تزخر بأنشطة ذات تنوع واسع فيها الرياضة والفن والتكنولوجيا والصناعة والإنتاج والتجارة والتسويق والإعلان وكم هائل آخرلا يقوى كهل مثلي على إحصائها. وكل هذه المجالات لها متطلباتها الخاصة فيما يتعلق بالجانب اللغوي والتعبيري وبما يخدم جانب الإتصال البصري في هذه المجالات. وهذا بالنسبة لي يمثل فرصة كبيرة من حيث الإحتياج الغير ملبى وبالتالي الفرصة لتقديم ما يمكن تقديمه له.

وللحصول على الخط عليك زيارة هذا الموقع.

وآخر دعوانا أن الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

مصحف الإنترنت

مشروع آخر

بعد أن أشرت الى آخر مشاريعي ألا وهو مصحف الإنترنت في معرض حديثي عن تصميم المصاحف في تدوينة سابقة، يسرني اليوم ونحن نستقبل العشر المباركة من شهر ذي الحجة أن أعلن عن تشغيل موقع مصحف الإنترنت في نسخته التجريبية الأولى. وقد سمّيت المبادرة مشروع مصحف الإنترنت لما لها من الطابع التجريبي حيث لا يزال التطبيق في مرحلته الأولى.

شكل صفحة مصحف الإنترنت
شكل صفحة مصحف الإنترنت على متصفح الكروم على نظام تشغيل الويندوز.

وقد يتساءل بعض متابعي هذه المدونة عن تكرر إطلاق هذه المبادرات وما هو طبيعة إختصاصي تحديداً للتباين الظاهر في طبيعة هذه المبادرات المتنوعة. فالمشروع الأول الذي عرضته قبل ما يزيد على ثلاثة سنين كان عن الحروفية العربية التوليدية وهو تطبيق لتوليد أعمال فنية حروفية باستخدام الحاسوب وبواسطة تطبيق الإليستريتور. ثم جاء بعد ذلك تطبيق سميته “بيان” الذي كان نظام لتشغيل عروض ذاتية على الشاشات الكبيرة والتي تصلح كساعة مواقيت الصلاة في الجوامع. ثم كان التطبيق الثالث وهو أداة إليستريتور أيضاً لتوليد المشبكات. ورابعاً وأخيراً هذا التطبيق الأخير وهو مصحف الإنترنت الذي يعرض القرآن الكريم بحلة جديدة قديمة. ولربما تكون الصفة الجامعة لهذه المبادرات الأربعة هو برمجة الحاسوب لأغراض جمالية وتصميمية ولها علاقة بموروثنا الثقافي. والحقيقة إن إنجاز كل مشروع من هذه المشاريع تطلب مني ما لا يقل عن السنة الواحدة من البحث والتعلم والتجربة والحلم. وإن كان الحلم ما يسخر به الكثير مظنة عدم جدواه حيث  نسمع العبارة “إنه يحلم”، إلا أن العبارة “حلم قد تحقق” هي الأقرب في حالاتنا المذكورة هنا.

 قصة المغامرة

بدأت مغامرتي بمهمة تحضير المحتوى. وحيث اني قد وفرت النص القرآني من خلال مغامرة تطبيق “بيان” قمت فيها بمعالجة ملف الوورد الذي نشره موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وتحويله الى ملفا xml، بقي عليّ ان اوفر نصوص التفاسير ومعاني الكلمات في ملفات مشابهة.  فقمت ببرمجة أداة كشط معلومات كما تسمى مخصصة لهذا الغرض وتركتها تزور المواقع وتجمع لي ما أحتاجه من التفاسير ومعاني الكلمات مما كان متوفر لعموم الناس على الإنترنت. وقد كانت برمجة هذه الأداة وتشغيلها دورة رائعة في برمجة تطبيقات انترنت بلغة #C.

أداة كشط المعلومات من صفحات الإنترنيت في وسط منصة التطوير
أداة كشط المعلومات من صفحات الإنترنيت في وسط منصة التطوير

ثم اردفت ذلك بدورة أخرى حول بناء مواقع الانترنت الديناميكية والتي يتم فيها تكوين الصفحات عند لحظة طلب الصفحة من الموقع. وفرض ذلك عليّ تعلم لغة برمجة جديدة هي لغة php كما كان عليّ تحديث معلوماتي عن الـ html والـ javascript وتعلم النسخة الجديدة من برمجة الـ CSS3. ومن الكنوز الصغيرة التي اكتشفتها خلال هذه الجولة من المغامرة هو طريقة بناء مزود خدمة إنترنت على حاسبتي الخاصة أو ما يسمى الـ AMP وهو متخصر لـ Apache, MySQL, PHP. وقد كانت النسخة التي استخدمتها تسمى الـxmapp وهو تطبيق يمكن تثبيته على الويندوز لمحاكاة مزود خدمة الإنترنيت ويمكن بناء المواقع على حاسبتكم دون الحاجة الى خدمة إنترنت حقيقية.

ولكن المفصل الرئيسي الذي جعل المشروع ممكناً هو عبارة الـ font-face@ في برمجة الـ CSS والتي مكنتني من إستخدام الفونت المناسب للنص القرآني. وفيما يلي مثال من شفرة المصدر لكيفية إستخدام الخط الرقمي الذي طوره مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم في المدينة المنورة في صفحات الويب:

<!doctype html>
<html dir="rtl" lang="ar">
<head>
<meta charset="utf-8">
<title>إستخدام الفونتات في صفحات الويب</title>
<style>
/* Typography */
@font-face{
	font-family:'fntUthmani';
	src:url('./fonts/UthmanicHafs1 Ver09.otf') format('truetype');
}
.uthmani {
	font-family:'fntUthmani';
}
</style>
</head>
<body>
	<span class="uthmani">خط المصاحف بالرسم العثماني</span>
</body>
</html>

غذاء العين

كان ابن عمي خالد الحسن يقول حينما أُعلق على اهتمامه بصينية الشاي أيام كنّا نشربه سوية في عصاري بغداد في السبعينات كان يرد عليّ: “العين هم تاكل”، بمعنى أن العين تحتاج الى جمال يغذيها كما يحتاج الجسم الى الطعام. وكلمة “هم” في لهجتنا العراقية مأخوذة عن التركية وهي تعني “أيضاً”. وقد تعرفت يوماً على شخص من أوزبكستان ويبدو أن زهوة مدينة بغداد القديمة كما كانوا يرونها لم تنطفئ عندهم. فهو حينما عرف أني في الأصل من مدينة بغداد أخبرني بمثلين جميلين يتداولها الأوزبك الى هذا اليوم. وأنا أعرف أنكم محبون للأمثال مثلي لذا لا ضير من إنعطافة على طريقة محمد حسنين هيكل لذكرهما. فأما المثل الأول فهو بالأوزبكية “بغداد ده تينجليك” وتقال رداً للسلام وتعني “السلام في بغداد” أي أن المجيب يطمن أنه بخير ما دامت بغداد بخير. والمثل الثاني يستعملونه حينما يبحث الأوزبكي عن شئ ولا يجده فيقول له أخوانه الاوزبكيون: “بغداد ده هم يوك” بمعنى لا تتعب نفسك فإنك لن تجد ما تبحث عنه حتى في بغداد. والشاهد في هذه الأمثال هو كلمة “هم” في المثل الثاني والتي تعني أيضاً كما ذكرنا. ولنعد الآن بعد هذه الإنعطافة الهيكلية الى موضوعنا قبل أن تهربوا الى موقع آخر.

وحيث أن الفرضة بدت مواتية لي بحكم ما منّ الله به عليّ من الخبرة في المجال التصميمي فقد رأيت أن أجرب إمكانية إستخدام العناصر الجمالية التي كان يستخدمها صنّاع المصاحف عبر مسيرة البناء الإسلامي وما قدمته هذه المسيرة الى الإنسانية من فكر وفن. وقد حددت بعض العناصر كزخرفة فاتحة الكتاب وترويسات عناوين السور وعلامات نهاية الآيات وعلامات الأحزاب والأجزاء والخلفية كعناصر تصميمية مهمة، هذا إضافة الى خط كتابة النص والتي قد يكون هو العنصر التصميمي الأهم من بين كل هذه العناصر.

مصدر إلهامي هو المصاحف القديمة التي لم نعد قادرين على عمل شئ مثلها
مصدر إلهامي هو المصاحف القديمة التي لم نعد قادرين على عمل شئ مثلها

ومع أهمية الخط فلم أقم بعمل تصميم خاص له واستخدمت خطاً جاهزاً قام بتوفيره موقع مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم في المدينة المنورة. وذلك بسب تعقيد صناعة خط خاص بالقرآن الكريم وخاصة بالنسبة لمبرمج ناشئ مثلي في صناعة الخطوط الرقمية العربية. ووجدت بعد تجربة الخط أن مستواه الجمالي مناسب إلا أنه مصمم في الأساس للتظهير بواسطة نظام الويندوز حيث ظهرت مشاكل في تظهير بعض الحركات كالشدّة والألف الصغيرة على متصفحات الإنترنت. ويحتاج تصحيح ذلك الى بعض التركيز على هذا الجانب لأجل حل مشكلة التظهير.

خط قرآني جاهز للمطورين من إنتاج موقع مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم في المدينة المنورة.
خط قرآني جاهز للمطورين من إنتاج موقع مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم في المدينة المنورة.

وكان التصميم الذي كنت أحلم في تحقيقه ينبع من تصاميم المصاحف المذهبة القديمة. لذا كانت الخلفية التي اخترتها لمصحف الإنترنت تحاكي مادة الرق الذي كتبت عليه تلك المصاحف. واخترت شكلاً زخرفياً لعناوين السور كما قمت بتصميم أداة لتوليد علامات الآيات التي كانت مشكلة تصميمية وبرمجية عويصة نسبياً لأسباب سنقوم بذكرها لاحقاً بإذن الله. وحيث أن الإنترنت له أحكامه من حيث الإمكانيات العديدة  التي يوفرها فقد قمت بعمل إطار مفتوح لاختيار هذه العناصر التصميمية حيث يمكن للمستخدم إختيار العناصر التي تناسب ذوقه البصري من بين بدائل. وبمناسبة الإطار فقد قمت وبكل سعادة القضاء على نوع آخر من الإطارات حيث حذفت الإطار المزخرف الذي يحيط بالنص والذي نجده في عموم مصاحف هذا اليوم لما لهذا الإطار المزخرف من تأثير بصري سئ على صفحة المصحف وطغيانه على النص.

من العناصر التصميمية هو ترويسة السور كإطار لعناوينها. ويمكن للمستخدم إخيتار كل عنصر تصميمي حسب التفضيل.
من العناصر التصميمية هو ترويسة السور كإطار لعناوينها. ويمكن للمستخدم إخيتار كل عنصر تصميمي حسب التفضيل.

المنصة المفتوحة

يعيش مصحف الإنترنت أيامه الأولى كما ذكرت في بداية المقالة. وهو بشكله الحالي يمثل إثبات لفكرة معينة طرأت لي في يوم سابق (الحلم). فإذا استقرت هذه الفكرة فإنها بالتأكيد ستتحسن مع مشاركة الآخرين. لذا يسعدني القول بأن منصة مصحف الإنترنت تستوعب مشاركة ممن يريدون إضافة العناصر التصميمية وتوفيرها لمستخمي الموقع. فلو بقى لنا متسع من الوقت فسأقوم بتأسيس إمكانية المشاركة على الموقع بإذن الله حيث يمكن للمشاركين إرسال العناصر التصميمية والتي ستنشر مع نسبتها الى أصحابها على موقع المصحف كما نأمل ونتمنى على الله.

وختاماً لسنعرض بعض جوانب المشروع:

أدوات التصفح وأخرى للتحكم مخبأة في أسفل الصفحة.
أدوات التصفح وأخرى للتحكم مخبأة في أسفل الصفحة.

من بين ما يمكن التحكم به هو حجم الحرف حيث يمكن تكبيرة لرؤية أوضح
من بين ما يمكن التحكم به هو حجم الحرف حيث يمكن تكبيرة لرؤية أوضح

كما يمكن تصغير الحرف لرؤية أشمل للصفحة وكل حسب تفضيله.
كما يمكن تصغير الحرف لرؤية أشمل للصفحة وكل حسب تفضيله.

ويمكن لمتسخدم مصحف الإنترنت أن يتحكم بتصميم الصفحة وحسب التفضيل.
ويمكن لمتسخدم مصحف الإنترنت أن يتحكم بتصميم الصفحة وحسب التفضيل.

وحيث أنه الإنترنت فحيى الله أدواتها المفيدة. وهنا أداة البحث التي لا يمكن الإستغناء عنها في التطبيقات الحديثة.
وحيث أنه الإنترنت فلا بد من بعض الأدوات المفيدة. وهنا أداة البحث التي لا يمكن الإستغناء عنها في التطبيقات الحديثة.

أداة لتوليد علامات نهاية الآيات من تصاميم الإليسترتور. وقد كانت أدوات الأدوبي قد عوضت قيمة الـخمسين دولاراً ثمن إشتراكي بها.
أداة لتوليد علامات نهاية الآيات من تصاميم الإليسترتور. وقد كانت أدوات الأدوبي قد عوضت قيمة الـخمسين دولاراً ثمن الإشتراك الشهري.

يوفر مصحف الإنترنت إمكانية تعديل طريقة وشكل عرض النص من قائمة خيارات.
يوفر مصحف الإنترنت إمكانية تعديل طريقة وشكل عرض النص من قائمة خيارات.

والحقيقة أن القائمة تعمل كالأدراج التي تنفتح لتكشف ما هو مخزون فيها من الجواهر التصميمية.
والحقيقة أن القائمة تعمل كالأدراج التي تنفتح لتكشف ما هو مخزون فيها من الجواهر التصميمية.

تطبيق مصحف الإنترنت يخفي عمق المحتوى تحت واجهته النظيفة بعدة طرق. فمثلاً معاني الكلمات مخبأة تحت كل كلمة ويمكن عرض معتى الكلمة من خلال الضغط عليها على الصفحة.
تطبيق مصحف الإنترنت يخفي عمق المحتوى تحت واجهته النظيفة بعدة طرق. فمثلاً معاني الكلمات مخبأة تحت كل كلمة ويمكن عرض معتى الكلمة من خلال الضغط عليها على الصفحة.

كما يمكن عرض تفسير الآية والإختيار من بين إهمهات التفسير للوصول على معنى الآية.
كما يمكن عرض تفسير الآية والإختيار من بين إهمهات التفسير للوصول على معنى الآية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التشبيكية

GRIDismo logo

كل إسبوع موضوع

يا ريت كل أسبوع موضوع ولكن العين بصيرة واليد قصيرة. ومع ذلك فقد جئتكم اليوم بفن جديد. وهو (ودون عجب لمن يعرفني) يتضمن البرمجة. ولكن قبل أن أخوض في غمار موضوع هذا الإسبوع أحب أن أذكر ملاحظة قد تفيد كمقدمة.

فكعادة أهل المدونات ومواقع الإنترنيت أراجع موقع إدارة مدونتي في كل حين متأملاً أن أجد عددأ مفرحاً من زيارات القراء. وأحب أن أتفحص الروابط التي يضغط عليها الزائرون لمعرفة مواضيع إهتمامهم. والذي لم أفهمه لحد الآن هو سر إهتمام العديد من الزائرين بصورة كنت قد نشرتها ضمن مقالة عن أدوات الرسم والتخطيط اليدوي وهي صورة لورق تشبيك أبو 5 مليمتر. فقلت في نفسي أخيراً… “خلاص… هو الجمهور عايز كدة”.

صورة ورق مربعات دوخت الجمهور
صورة ورق مربعات دوخت الجمهور

وهكذا ومنذ الشهر الثالث من هذا العام صرت أكتب برنامج يسهل رسم التشبيك في برنامج الإليستريتور في محاولة تلبية رغبات الجمهور المحب للتشبيك. وهكذا ولدت التشبيكية. فالأداة  التي أقدمها بين أيدي الجمهور الكريم تفتح الفرصة لتكوين التشبيكات التي يمكن خزنها وتداولها بين الجمهور. ولأجل أن يسيل لعاب بعض المهيمين بالتشبيك أحب أن أعرض بعض النماذج التي يمكن عملها بهذه الأداة.

صور مثيرة للجمهور

بالرغم من أن برنامج الإليستريتور يوفر أداة لرسم التشبيكات إلا أن الأداة الجديدة تضيف إمكانيات عديدة سنستعرضها في الأشكال اللاحقة. ولكن على الأقل يمكن باستخدام هذه الأداة عمل تشبيك يشبه شكل التشبيك المنشور سابقاً.
بالرغم من أن برنامج الإليستريتور يوفر أداة لرسم التشبيكات إلا أن الأداة الجديدة تضيف إمكانيات عديدة سنستعرضها في الأشكال اللاحقة. ولكن على الأقل يمكن باستخدام هذه الأداة عمل تشبيك يشبه شكل التشبيك المنشور سابقاً.

بواسطة هذه الأداة يمكن التحكم بلون التشبيك وبتنسيق اللون مع خلفيات مناسبة يمكن عمل تكوينات فنية تصلح لإستخدامات محددة.
بواسطة هذه الأداة يمكن التحكم بلون التشبيك وبتنسيق اللون مع خلفيات مناسبة يمكن عمل تكوينات فنية تصلح لإستخدامات محددة.

من أمثلة ما يمكن محاكاته تشبيك بطابع الرسوم الهنسية القديمة أو الـblueprints. لاحظ أيضاً إستخدام خطوط بأوزان متنوعة في التشبيك الواحد لتحديد التقسيمات بمستويات عديدة.
من أمثلة ما يمكن محاكاته تشبيك بطابع الرسوم الهنسية القديمة أو الـblueprints. لاحظ أيضاً إستخدام خطوط بأوزان متنوعة في التشبيك الواحد لتحديد التقسيمات بمستويات عديدة.

تشبيك يصلح لخلفية صفحة إنترنيت. وهذا التشبيك يمثل إمكانية تغيير خصائص كل مجموعة خطوط من حيث الوزن واللون والشفافية والتقطيع.
تشبيك يصلح لخلفية صفحة إنترنيت. وهذا التشبيك يمثل إمكانية تغيير خصائص كل مجموعة خطوط من حيث الوزن واللون والشفافية والتقطيع.

أعتقد أن الاسكوتلنديون سيفرحون بهذه الإداة حيث يمكن تصميم مربعات التنورة الإسكوتلندية بهذه الأداة.
أعتقد أن الاسكوتلنديون أكثر من سيفرح بهذه الإداة حيث يمكن تصميم مربعات التنورة الإسكوتلندية بها.

وأخيراً وليس آخراً تشبيك المليميتر المشهور.
وأخيراً وليس آخراً تشبيك المليميتر المشهور.

واجهة المستخدم توفر إمانية إضافة مجموعات الخطوط ومن ثم تغيير خواص كل مجموعة بحسب التصميم. ويمكن خزن التصاميم لإستخدامها في أعمال لاحقة أو لمشاركة التصميم مع الآخرين.
واجهة المستخدم توفر إمكانية إضافة مجموعات الخطوط ومن ثم تغيير خواص كل مجموعة بحسب التصميم. ويمكن خزن التصاميم لإستخدامها في أعمال لاحقة أو لمشاركة التصميم مع الآخرين.

ويمكن تحميل الأداة من الصفحة المخصص لها على موقعي الشخصي على هذا الرابط:

www.kmk-design.com/gridismo

ويتضمن ملف التحميل السكريبت الخاص مع كتاب الإرشادات ونماذج من التشبيكات التي يمكن الإطلاع من خلالها على إمكانية الأداة.

وأخيراً أحب أن أحمد الله مستحق الحمد على ما أنعم به عليّ وأعانني على إنجاز هذا المشروع والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.