بغداد – مؤخراً

الغايب حجته معاه

أعتذر مرة أخرى عن التأخر في التدوين. فقد بدأ عام 2013 بأحداث متتالية شغلتني آخرهاا زيارة سريعة قمت بها الى مدينة بغداد. وقد رجعت في منتصف آذار / مارس الماضي من هذه السفرة القصيرة. وكما تعرفون فإن أحداثاً جساماً مرت على بغداد منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي وتكاد اليوم بعد 35 سنة لا تشبه أبداً المدينة التي ولدت بها عاصمةً  لبلد خير وبركة.

ولا أريد اليوم أن أقف باكياً على ذكر حبيب وموطن لأني أحب دائماً النظر الى الأمام – ولو بتفاؤل حذر. والرجاء في رحمة الله لن ينقطع بإذنه. لذا ستكون قصتي اليوم حول زيارتي لسوق السراي وشارع المتنبي في وسط بغداد والتي كنت آمل أن أظفر منها بصيد نفيس. وبالرغم من أني لم أجد جديداً في سوق السراي بعد انقطاع كل هذه السنوات إلا أني خرجت بحصيلة قلمي حبر وكراستين لتحسين الخط اليدوي من عمل الخطاط المصري مهدي السيد محمود.

قلم حبر مقلد لماركة مونبلان. وقد عجبني تصميمه الكلاسيكي والمواد النصف شفافة المستخدمة فيه
قلم حبر مقلد لماركة مونبلان. وقد أعجبني تصميمه الكلاسيكي والمواد الشفافة المستخدمة فيه.
القلم في كامل حلته الرسمية. دفعت فيه ما يقارب 15 دولاراً دون مساومة كثيرة.
القلم في كامل حلته الرسمية. دفعت فيه ما يقارب 15 دولاراً دون مساومة كثيرة. للقلم وزن وثقل يملأ اليد

 

كيف تكتب خطاً جميلاً بقلمك العادي

وبعد هذا الإفتتاح القصصي الذي سلط الضوء على قلم عادي يحاكي قلم مونبلان الغير عادي سأتناول فيما بقى من المقالة كراستي الخط للسيد مهدي السيد محمود.  والسيد مهدي السيد محمود خطاط مصري له كراريس تعليم خط عديدة. والذي لفت نظري الى الكراستين اللتين اشتريتهما من بغداد هو أنهما تتناولان موضوع خط اليد العادي.

وكنت قد ذكرت في تدوينات سابقة أنه لا بد من مناهج تهتم بتعليم الكتابة العربية بالقلم العادي حيث أن أغلب كراريس الخط تهدف الى تعليم الخط التقليدي من نسخ أو ثلث أو رقعة الى آخر ذلك. وقد سرني أن السيد مهدي قد تطرق الى تحسين الخط بالقلم العادي وهو ما كنت أطمح الى البحث فيه كما وعدت في المقالة المشار إليها.

ومع إعجابي بالمبادرة إلا أن كراريس السيد مهدي لم تنطلق بعيداً عن بقية كراريس تعليم الخط التقليدية من حيث المنهجية. ولا يتعدى التجديد فيها استبدال أداة الكتابة من قلم الخط التقليدي ذو السن المشطوف بقلم الكتابة العادي. ولا يتضمن الكراس أي شرح حول خصائص القلم العادي ومقتضيات هذا التحول حيث يمضي السيد محمود في تعليم الكبار والصغار طريقة اتقان رسم الحروف كما فعل مَن قبله في شرح طرق تجويد الخطوط التقليدية. ولنضرب لذلك بعض الأمثلة من كراسة “كيف تكتب خطاً جميلاً بقلمك العادي”:

خط الثلث
يبدأ الكراس بخط الثلث كعادة أهل الخط وتشعر من السطر الأول من الكراس أن السيد مهدي يخاطب الراغبين في تجويد الخط لأجل الخط وليس لأجل الكتابة مع أن عنوان الكراس هو كتابة اليد. ملاحظتي الأولى هو تركيز منهاج الكراس على التعرف على أشكال الخطوط وتعلم أشكال الحروف والذي في رأيي المتواضع لا يكفي. أما الملاحظة المهمة الثانية هي في ما يذكره السيد مهدي هنا من عدم تقيد خط الثلث بنظام السطر. وفي الواقع ليس هناك خط لا يتقديد بنظام السطر في أساسه. ويوافق خط الثلث مسار السطر بشكل حر فيرتفع وينخفض عنه بحسب التكوين التصميمي الذي يريد الخطاط عمله. ونظام السطر في الخط العربي مركب. فهناك الإتجاة الأفقي العام للسطر والذي يتجه من اليمين الى اليسار ثم هناك القاعدة المائلة لتي تنتظم حولها الكلمة المفردة. وميل قاعدة الكلمات المتساوي والمتعاقب يساعد في الحفاظ على أيقاع الخط.
النسخ
هنا يعرض السيد مهدي خط النسخ على وفق قواعده التقليدية. وفي كراس آخر لتحسين خط الأولاد يعرض السيد مهدي خط النسخ بشكل مبسط وحديث كما سنرى أدناه.
الرقعة
يعجبني وصف السيد مهدي خط الرقعة بأنه خط السرعة. إلا أن ما يقوله من حيث علاقة حروفه بالسطر غير واضح كما ذكرنا في الملاحظة السابقة على خط الثلث. كما أن خط الرقعة ليس قديماً وهو اختراع متأخر بالنسبة للخط العربي. ويلتبس على السيد مهدي الفرق بين خط الرقعة الحديث وخط الرقاع القديم الذي يشير اليه وهو خط مختلف عن خط الرقعة.
فارسي
لست متحاملاً على السيد مهدي ولا أتقصد بيان الأخطاء ولكن ألا ترون أن السيد مهدي يناقض نفسه هنا في وضع حركات التشكيل ثم يقول أن الخط الفارسي لا يقبل التشكيل؟ الأمر متروك لتقديركم، وتحياتي مع محبتي للسيد مهدي السيد محمود.
الخط الديواني
لست متأكداً ولكن الديواني ليس مشتق من خط الرقعة كما يقول السيد مهدي. خط الديواني تطور من الخطوط السامية التي نشأت لتدوين الوثائق المهمة كنشوء خط الكوفي القديم لكتابة القرآن الكريم. وكان الهدف في تصميم الخط الديواني هو كتابة الفرمانات الرسمية في العهد العثماني.
لوحة
لم أسئ الظن في السيد مهدي ولكنه يريدنا في النهاية أن نكون خطاطين تقليدينن. وكراسه التعليمي يتضمن هذه الأمثلة الرائعة (شكلاً ومصموناً) من صنعة الخطاطين. ولكن أين المثال الذي يفيد الطالب في كتابة محاضرة في كليته أو مهندس يضيف ملاحظات على مخطط التصميم أو غير ذلك من الإستعمالات اليومية الحديثة للكتابة. أخي مهدي إذا اصبح كل الناس خطاطون ستصبح المنافسة على لقمة العيش صعبة.
تعليم الخط
في كراس آخر يبدع السيد مهدي السيد محمود في تبسيط خط مناسب للأولاد. ويذكرني هذا الخط بخط والدي والذي تأثرت به أنا حيث أني أستخدم شيئاً يشبه هذا الخط للعناوين. أما كتابة النصوص فأفضل خطاً مشتق من الرقعة كما سنوضح مستقبلاً.

 

هو دخول الحمام زي خروجه؟

وبالرغم من أني لا أعرف خلفية المثل المصري هذاإلا أني أعرف كيف استعمله. وأظن أن حكم هذه المادة الشعبية المصرية تنطبق على قضية المواطن المصري السيد مهدي السيد محمود. فإن النقلة في الكتابة من قلم الخط التقليدي الى قلم الكتابة الإعتيادي تقتضي نقلة كاملة في المنهجية. وأقتراحي في القضية في هذه الحالة هو:

  • لا بد من التعرف على المواد التي نستخدمها في الكتابة اليدوية. وبالرغم من أن أغلبنا يعرف شيئاً عن القلم والورق المستخدم في الكتابة ولكن الموضوع أكبر من كدة بكثير. فهناك العديد من التفاصيل المفيدة التي يمكن إفادة الراغبين في تحسين كتابتهم بها. وهو ما سأبدأ في توضيحه في نهاية هذه المقالة.
  • التدرب على نسخ أشكال الخطوط لا يؤدي بالضرورة الى تحسين الخط. شكل الحرف مهم، نعم أعترف. ولكن الأهم منه هو الإيقاع. وجمال الخط الحقيقي في اتزان الإيقاع. ولم أر لحد الآن كراس خط عربي يهتم بموضوع الإيقاع. شئ غريب، أليس كذلك يا زميلي العربي مع أننا نحن أهل الإيقاع قديماً في الشعر وحديثاً في الهشتك بشتك  ودمدمة ما ينزل على رؤسنا من القنابل وطقطقة الرصاص. (هذا ما أقصده بالتفاؤل الحذر)

القلم العادي

لقد فتحت كراريس السيد مهدي السيد محمود -والتي كتبت على رأي المثل تقريباً في مصر وطبعت في العراق (بغير إذن على ما أعتقد) ثم قُرِأت من قبل عراقي مقيم في الأردن، شهيتي لإعادة الموضوع الذي بدأت به سابقاً. ولا بد لي من أن أسجل إعجابي مرة أخرى بالسيد مهدي السيد محمود على قدرته في انتاج هذا العدد من كتب تعليم الخط. فأنا في المقابل لم أستطع إنجاز عمل متكامل بالرغم من الأفكار الجديدة عندي والتي أتمنى أن يكون فيها الفائدة.

وسأبني على بعض ما أسسه السيد مهدي في حلقات متتالية وسأبدأ بالعنوان الذي يذكر القلم العادي. سأحاول تعريف الراغبين في تحسين خط أيديهم وأيديهن ببعض الأشياء المفيدة عن القلم العادي. وفي الواقع سأضرب هنا عصفورين بحجر. العصفور الأول هو ما يتعلق بالكتابة اليدوية، والعصفور الثاني يتعلق بالرسم اليدوي. حيث أن هذين العصفورين يعتمدان على القلم العادي.

على بركة الله:

قلم الرصاص
لا يوجد شئ أكثر “عادي” من قلم الرصاص الخشبي. فأغلبنا نشأ حاملاً هذا القلم الرخيص الثمن والبسيط منذ بداية أيام الدراسة. وهو قلم سهل الإستخدام في الكتابة غير أن بري القلم يتطلب العناية والمحافظة على عدم انتشار نشارة القلم والرصاص الناتج عن البري. وأنا أفضل المبراة التي تعطي سناً طويلاً لا يبلى سريعاً بالكتابة أو الرسم. مزايا قلم الرصاص تتمثل في خقة القلم وبالتالي إمكانية السيطرة على حركته، وكذلك إمكانية محو الأخطاء ومن منا ليس له أخطاء وأخيراً إمكانية إحداث تتدرج في شدة لون الكتابة بين الغامق والفاتح وهو ما لا يتوفر في سائر الأقلام الأخرى ويفيد هذا في الرسم خاصة.
أدوات
ولقلم الرصاص أدوات مكملة. في هذه الصورة نرى نوعين من المبراة: الميكانيكية التي تعطي سن مضبوط وتحتفظ بنشارة القلم في داخلها، والمبراة الإعتيادية والتي عليك أن تختار النوع الجيد منها حيث أن الكثير منها لا يصلح الإ لكسر السن. وتظهر الصورة ممحاة سوداء وعلى نقيض المبراة الإعتيادية فإن أغلب أنواع الممحاة المتوفرة اليوم هي من النوع الجيد بالمقارنة بما كنا نستعمله في أيام الستينات.
قلم
إن التخلص من بري قلم الرصاص دفع المبتكرين الى اختراع أنواع محسنة من قلم الرصاص العادي. وهذا القلم عبارة عن أنبوب من البلاستيك الذي يمر عبره عدد من قطع الرصاص المسنونة والمحمولة على كبسولة بلاستيكية صغيرة. وحينما يبلى السن بالكتابة تقوم بنزع السن من المقدمة وتدفعه من الطرف الآخر ليظهر لك سن مبري جديد. وهذا القلم يحتفظ بكل خصائص القلم الخشبي ويوفر عليك البري. إلا أن سعره أعلى من القلم الخشبي وقد لا يصلح للمبتدئين أو لصغار السن.
قلم
إزداد شيوع قلم الرصاص الميكانيكي بعد ابتكار النوع ذو السن الدقيق بقطر 0.5 ملم. وهناك أحجام متعددة للسن تتراوح بين الـ0.3 الى 2 ملم. كما أن صلابة الرصاص أيضاً متنوعة كما هو الحال في أقلام الخشب. وهذا القلم مريح جداً في الإستخادم ونظيف كذلك. والحجم المفضل لدي هو 0.7 و0.9 والذين يصلحان جداً للكتابة والرسم.
قلم
لم يعد الكثير يستخدم قلم الحبر السائل لتوفر أنواع جديدة طغت عليه. والأقلام الجيدة من هذه الأنواع تصلح كثيراً لأعمال الكتابة الجميلة. فقلم الحبر الكلاسيكي يعطيك خط صلب حاد تستطيع التحكم في ثخانته من خلال تغيير الضغط على سن القلم أثناء الكتابة. ومن الأمور المفيدة التي تعلمتها في الزمان الغابر هو إمكانية تدوير القلم لقلب السن والكتابة بظهره مما يعطي خطاً دقيقاً جداُ للكتابة الصغيرة.
قلم
قلم “السوفت” كما يسمونه هو الذي دفع بقلم الحبر الكلاسيكي عبر حافة المكاتب الى غياهب النسيان. وبالرغم من أن القلم يستخدم حبراً سائلاً كما في القلم الكلاسيكي ألا أن تقنية وضع الحبر على الورق مستعارة من قلم الحبر الجاف حيث أن سن هذا القلم مزود بنفس الكرة الحديدية الدقيقة الموجودة في سن القلم الجاف. وهذا النوع من الأقلام زهيد السعر ومتوفر في أغلب محال القرطاسية. كما يصلح – بل وأصبح – القلم المفضل للكتابة لنظافة استخدامه واحتفاظه بخصائص كثيرة من قلم الحبر الكلاسيكي إلا أن مرونة سن هذا القلم لا تشبه المرونة الموجودة في قلم الحبر القديم.
قلم
قلم الحبر الجاف من الاقلام التي شاعت في الستينات من القرن الماضي بفضل سهولة استخدامه وجفاف حبره بالمقارنة مع أقلام الحبر الكلاسيكي الذي كان أكثر شيوعاً حتى الخمسينات. وقد قامت شركة Bic الفرنسية بانتاج هذا التصميم المبسط الذي ساعد في شيوع القلم لقلة كلفته. والقلم خفيف ونظيف ويصلح للكتابة اليدوية بل وللرسم أيضاً. قم بتكبير الصور لملاحظة الكرة الحديدية الصغيرة في سن القلم والتي هي قلب هذا الإختراع.
قلم
أسمي هذا القلم “قلم التأشير” اشتقاقاً من الأسم الإنجليزي Marker Pen. وهو يستخدم حبراً سائلاً أيضاً ولكن الحبر يختزن في حزمة من الألياف في داخل القلم. وفي الواقع فإن القلم المعروض في الصورة يضم الحبر السائل في خزان حبر داخلي على غرار قلم الحبر الكلاسيكي ولكنه يحتفظ بسن الألياف المميز لأقلام التأشير. وهذا القلم يعطي خطوطاً سلسة جداً كأنها خطت بفرشاة. ومع صلاحية هذا القلم للكتابة فإن أغلب استعماله يكون في الرسم. وهو أكثر كلفة من الأقلام التي ذكرناها سابقاً.
قلم التأشير
هذا هو قلم التأشير الأصلي المبني على فكرة خزن الحبر في حزمة ألياف. وسن هذا القلم يشبه سن القلم التقليدي كونه عريض ومشطوف ولذا فهو يفيد الخطاطين في الأعمال السريعة. وقد لا يستخدم الخطاطون هذا القلم في الأعمال الجادة لشفافية حبره وعدم مناسبة ذلك للأعمال الفنية الحاذقة. ونستطيع نحن البشر العاديون إستعمال هذا القلم للعناوين في النشرات الكتابية.

 

اليد الواحدة لا تصفق

فإذا أردت التصفيق في الكتابة عليك أن تستعمل الورق مع القلم. وأهمية اختيار الورق لا تقل عن أهمية اختيار القلم وقد يكون تنوعه بمقدار تنوع الأقلام التي وصفنا بعضاً منها أعلاه. ولنستعرض بعضاً من أنواع الورق مع الملاحظات:

كما أن هناك قلماً عاديّاً فهناك الورق العادي
كما أن هناك قلماً عاديّاً فهناك الورق العادي. والورق الأبيض الرخيص ذو الخطوط الزرقاء هو ورق الدفاتر المدرسية المعهود.  وتساعد الخطوط الظاهرة في المحافظة على انتظام الكتابة. ويفيد الورق المخطط في تدريبات تحسين الخط وأنا أوصي باستخدامه في التمرينات الخاصة بضبط الإيقاع.
ورق
لا يستخدم ورق المربعات للرسوم البيانية فقط حيث أن الورق ذو تربيع الـ5 ملم مفيد جداً في أعمال التصميم. ويساعد هذا الورق في الرسم اليدوي على المحافظة على استقامة خطوط الرسم وتعامدها. وقد لا يتميز الورق ذو المربعات على الورق المسطوربشئ فيما يتعلق بالكتابة.
ورق
هنا أعرض ورق الرسم الهندس الشفاف على ورق المربعات لإظهار شفافية الورقة العليا. لاحظوا لون الورق المائل الى الرمادي. والورق ليس شفافاً مئة بالمئة ولا بد لسطح الورق من بعض الخشونة المناسبة لأنواع معينة من الأقلام. الورق الشفاف يستعمل في الرسم غالباً مع أني أستخدمت هذا الورق مع القلم الرصاص في كتاب الرسم الهندس المترجم الذي ذكرته لكم في اول تدويناتي.
ورق
الورق المستخدم في أجهزة الإستنساخ أبيض حينما تراه. ولكن حينما قمت بتصويره في الماسح الضوئي أظهر هذا اللون المائل الى الزرقة الذي ترونه في الصورة. وورق الإستنساخ مناسب لأعمال كتابية متنوعة خاصة بأقلام الحبر السائل والحبر الجاف. ولسطح هذا الورق خشونة مناسبة للإستعمال مع قلم الرصاص وخاصة للرسم.
ورق
الورق يأتي بأنواع وألوان لا حصر لها. وهناك العديد من أنواع الورق الخاص التي تفيد في الأعمال الفنية. وأنا شخصياً مهتم بالبحث عن أنواع الورق التي تحاكي الورق القديم من حيث ظهور الألياف في نسيج الورق.

وختاماً بعض الملاحظات النهائية عن الورق:

  • لا بد من تجربة الورق مع القلم الذي تنوي تحسين خطك به. فالورق الصقيل الذي يفيد الكتابة بالحبر السائل لا يصلح لقلم الرصاص أو قلم الحبر الجاف
  • تمارين تحسين الخط تتطلب استخدام العديد من صفحات الورق. السعر يلعب دوراً مهماً في اختيار الورق.
  • للورق خصائص عديدة غير صقالة الوجه. مثلاً هناك وزن الورق ودرجة الشفافية واتجاه النسيج. وتستطيع فحص الخاصية الأخيرة بشق الورق او بطيه. وستلاحظ أن الورق ينشق وينطوي في إحدى اتجاهاته بسهولة في حين أنك إذا فعلت ذلك في الإتجاة المتعامد سيكون الشق أو الطي أكثر صعوبة.

نعم لا بد لنا من معرفة المواد التي نستخدمها في الكتابة والخط وهذا شأن كل متقن لصنعته. لذا أرجو أن أكون قد ساهمت في زيادة المعرفة في هذا المجال أو على ألأقل زيادة الإهتمام بالبحث في هذه الجوانب. المهم هو إبقاء الهدف النهائي نصب أعيننا وهو تطوير إمكانية تحسين كتابتنا العربية للإستخدام في حياتنا اليومية المعاصرة. وبإذن الله سنقوم بمعرفة طرق مسك القلم في الحلقة القادمة من هذه السلسلة.

كن مخترعاً

حكى لي والدي قصة شخص تعرّف عليه حينما شغل والدي منصب الملحق العسكري في السفارة العراقية في واشنطن في مطلع الستينات من القرن الماضي. فقد خطر لهذا الشخص أن يصنع مخروط تنظيم سير المركبات باستخدام مادة البلاستيك. ويقول لي والدي أنه أصبح مليونيراً من وراء هذا الإختراع. ويبدو أن القصة أثرت عليّ حيث أني منذ أن سمعت بها ولحد اليوم أحاول أن أكون مليونيراً باختراع أي شئ ما.

قمع المرور
كيف تربح المليون: إخترع قمع المرور

وأحاول اليوم أن أنشر عدوى الإختراع الى قرّائي الأعزاء. ومع أن هذه المدونة موجهة للمصممين في الأساس، فلا زلت أرى أن المصمم والمخترع يشتركان في صفة الإبتكار. وكل منهما يحاول أن يجد وسائل جديدة تثري حياتنا (مع عدم إهمال إمكانية أن تثري الإبتكارات جيوبهما). والإختراع والإبتكار مهم في حياة الناس. وجوهر الحياة البشرية هو التطور من خلال الإبتكار الذي نقل مستوى معيشة الإنسان من الحياة البدائية الى المدنية الحديثة. والمدنية المتطورة غاية يتطلع إليها الإنسان فها هم شبابنا في الدول العربية يحلمون بالتغرب والعيش في الغرب لا لشئ سوى أن يحظوا بالإنتماء الى مجتمع متقدم حسب تصورهم.

وأنا لا أدعو الى شئ لا أفعله. فكما ذكرت فإن الإبتكار هو شغلي الشاغل. والشاهد على ذلك أول تدوينة في هذه المدونة والتي سجلت فيها محاولتي لصناعة طبعة حروف للإستخدام الهندسي. ومما أستطيع تصنيفه من أعمالي إختراعاً أكثر من تصميم هو محاولتي لصناعة  عبوة تفيد لصرف السوائل اللزجة كالشامبو والمراهم وما شابه. وقد كانت محاولة جادّة استنفذتها لغاية تسجيل الإختراع في دائرة التقييس والسيطرة النوعية العراقية. ولم تفلح جهودي في تسجيل الفكرة مع هذه الدائرة حيث لم أتجاوز معها سوى مرحلة تسجيل الأسبقية وتقييم أولي. ومع أني لم أصبح مليونيراً في هذه المحاولة إلا أني تعلمت الكثير فيما يتعلق بالجهد المطلوب في نقل الإختراع الى حيز التصنيع.

كما أن هذه المدونة تعرض العديد من أعمال المبتكرين والمخترعين في مجال الخط العربي. وقد ذكرت منهم السيد عبدالسميع رجب سالم الذي ابتكر الخط الرقمي في معرض تصميمه لمصحف مصر، وكذلك جوليان بريتون الذي نقل الخط العربي الى البعد الثالث باستخدام الضوء. وقد ألهمتني بعض تسجيلات جوليان هذا على اليوتيوب على إبتكار قلم للأعمال الخطاطية الكبيرة. ففي الوقت الذي يستخدم فيه خطاطونا التقليديون الفرشاة العريضة في خط الأعمال الكبيرة، فإن جوليان يستخدم شيئاً آخر لا أدري ما هو بالضبط ولكنه ويبدو لي كقطعة ورق مقوى أو قطعة من خشب البلسا. والتسجيل التالي يوضح إمكانية إبتكار أدوات خط جديدة (كما يفضح قدرتي المحدودة في الخط).

البيان الختامي

وكملاحظة أخيرة على التسجيل أعلاه، فليس من الضروري أن يكون الإختراع معقداً وتكنولوجياً. فبواسطة الأفكار البسيطة المبتكرة تستطيع إضافة شئ جديد وإن كان قليلاً. ولعل هذا الشئ البسيط يحدث في النهاية فرقاً في تطوير المهنة التي أنت فيها. ولعله يأتي من بعدك من يضيف الى ما صنعت وتنمو الفكرة رويداً حتى تتحقق النقلة أو الطفرة النوعية. وهذا هو أساس التطور الذي يتسابق الناس الى تحقيقه.

أدوات الخط
أدوات الخط: وسّع مجال العمل بابتكار ما هو جديد

وختاماً لا بد لنا من التحلي بروح الإبتكار والإختراع… فإننا إن لم نخترع سلقنا الناس باختراعاتهم.

خط اليد العربي

خط يدك يوشي بالكثير عنك. هناك من الناس من يستطيع تحليل شخصيتك من خلال كتابة يدك. بل هناك مواقع على الأنترنيت تقدم خدمة تحليل الشخصية من خلال خط يدك. ومهما يكن من صحة ذلك أو عدمه فالخط الجميل من ناحية أخرى يفتح لك الأبواب الموصدة. فمن الأمور التي تبعث فيّ النشوة هو المديح الذي يضفيه البعض حينما يرون خط يدي ولا أدري أن كان الأمر كذلك يحصل معكم حينما يطري أحدهم على كتابة أيديكم.

تحسين الكتابة اليدوية لأسباب عملية

وبالرغم من الجهد المتواصل الذي بذلته في تطوير خط يدي إلا أني لا أدعي أنّي اليوم من الخطاطين. فمحاولاتي كانت موجهة لجعل خط اليد أداة فاعلة وكفوءة في تثبيت أفكاري ومن ثم تطوير هذه الأفكار عبر كتابة الملاحظات والأفكار التي تتولد مع التدوين. ويعتمد عملي التصميمي على التدوين البصري- أي الرسم- بشكل كبير. ويشمل التدوين البصري رسومات سريعة وكتابات توضيحية. فالإثنان يتكاملان كأداة للتدوين والتفكير والإتصال وهي جوانب أساسية في العمل التصميمي. وفي الواقع فإن الكتابة الفعّالة مهمة في الكثير من المجالات الدراسية والعملية وليس في التصميم فقط.

الكتابة اليدوية للمحاضرين والمحاضرات

وعلى هذا فلا بد من الإهتمام بتعليم الكتابة اليدوية في المدارس على أساس أنها أداة تدوين وتفكير واتصال وليس على أساس النواحي الجمالية وقواعد الخط التقليدية. حينما تستعرض كراريس الخط المقررة في التعليم تجد أن أكثرها تحاول تعليم الأطفال قواعد الخط العربي التقليدي كخط النسخ والرقعة بما في ذلك طريقة بري قلم الخط الذي يصعب الحصول عليه أصلاً. ومثال على ذلك كراس الخط الذي يمكن مشاهدته عبر هذه الوصلة.

وما يحتاجه جيلنا الصاعد اليوم هو مناهج تتماشى مع تحديات العصر. فالأساس في اللغة هو التفكير والتعبير والإعلام والكتابة اليدوية عليها أنت تخدم ذلك وعليها يكون من اللازم تطوير مهارات الجيل الصاعد على ذلك. وأحب أن أبدأ في هذا المجال بمادرة تطوير منهج لتحسين كتابة اليد. وسأقوم بوضع هيكل عام مع مقترحات لأجزاء هذا المنهج وتوفيره لكل من المهتمين بتطوير خطهم ولمن يرغب بالمشاركة في تطوير المنهج كذلك. وبهذا يصبح هذا المنهج أول نص عربي يعد على طريقة المصدر المفتوح (open source). وسنحاول أن نوفر سلسلة الإصدارات عبر مراحل تطويرها من خلال هذه المدونة. وعلى هذه الوصلة ستجد الأصدار 1,0 (قريباً).

والآلة لم تقض تماماً على الحرف المكتوب باليد. فبالرغم من توفر الحاسوب لكثير من الناس اليوم فلا يزال الكثير من الطلاب والفنيين والإداريين يستخدمون الكتابة اليدوية والرسم اليدوي لتثبيت وتطوير وتوصيل الأفكار. لا تزال للورق قيمته وسحره. وشخصياً لا يزال التخطيط والرسم والكتابة على الورق أداتي المفضلة لتوليد وتسجيل الأفكار. فاستخدام القلم بأنواعه مع الورق يوفر لي أداة ذات استجابة عالية لدفق الأفكار ومرونة عالية في تطوير الفكرة وأيصالها الى ألآخرين. وقوة الخط العربي تكمن في الواقع في  طواعيته للكتابة باليد. وقد تطور الخط العربي بعد بعثة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم ليصبح أداة تدوين يدوي مرنة مكنت أمة الأسلام  في أوج إزدهارها من توليد كم هائل من الكتب، تأليفاً وترجمةً. ومع تطور الطباعة في العصر الحديث كان طبيعياً أن ينحسر دور الكتابة اليدوية بعض الشئ ولكن لا يزال هناك دور مهم للكتابة اليدوية كما ذكرنا.

ولعل هناك فرصة لعودة الكتابة اليدوية بصيغ جديدة. فمع تطور أجهزة الحاسوب في التعرف على خط اليد من جهة والصغر في حجم أجهزة الحاسوب من جهة أخرى قد تكون هناك فرص جديدة لخط اليد كما كانت له مع الورق.

هل تحرك الكتابة اليدوية الحاسوب وطرق الإدخال

سنين عجاف

صادف تخرجي عام 1979  تسلم صدام حسين الرئاسة في العراق. كانت لي مشاريع وأحلام وكانت له مشاريع وأحلام إلا أن الغلبة كانت له بطبيعة الحال. فجند صدام كل الشباب العراقي للخوض في أحلامه. حروب استمرت 23 سنة حتى سلم البلد خراباً الى مجموعة إخرى من المخربين. وقد خدمت مع الشباب العراقي فترة التجنيد الألزامي لسنوات طوال بدأت بخدمة عسكرية لمدة خمس سنوات ثم تلتها تسع سنوات من التعيين المركزي في دوائر الدولة في مجال التخطيط العمراني.

وقد كان صعباً عليّ أن أكبت الحاجة الى عمل شئ ذو طابع تصميمي. فمضيت حينما تسنح لي الفرصة في تحقيق بعض المشاريع التي كانت تروادني. وبالرغم من الصعوبات الجمّة أستطعت أن أخرج بحصيلة من المشاريع الخاصة. إلاّ أن الظرف الإقتصادي في العراق في تلك الفترات حالت دون تنضيج هذه المشاريع الى المستوى الذي كنت أخطط له. وحينما ضاقت بي السبل عام 1991 أعددت سيرة ذاتية مصورة ومفصلة في مجلد وذهبت به الى خارج العراق باحثاً عن الفرصة.

سيرتي الذاتية مصورة ومجلدة لمن يوظف

ويلخص المخطط الموجز لسيرتي الذاتية المشاريع التصميمية التي عملت عليها في الفترة حتى عام 91 وكان عددا منها يتعلق بتصمصم الحروف والتصميم الطباعي.

قائمة المشاريع التصميمية في الفترة 1981 وحتى 1990

ومما تسنى لي فعله خلال هذه السنين الصعبة هوترجمة إحدى كتب التصميم والرسم المعماري والذي كان بعنوان Architectural Graphics لمؤلفه Francis Ching. والكتاب الأصلي باللغة الإنكيزية قد تم طبعه بالكتابة اليدوية للمؤلف. وقد كان له خط يدوي جميل ذو طابع تقني حاولت أن أحاكية بالعربية.

صفحة من الترجمة التي لم تنشر بعد

ولقد قمت بتحميل الفصل الثاني من الكتاب المترجم على هذه الوصلة .