كان أول أسبوعين من هذه السنة الجديدة مليئين بالاكتشافات المفيدة. ولربما كان استعمال منصة كليم للخط المرن أهم ما فيهما حيث تفضل أصحابها بفتح المنصة لي لتجربتها. وقد كنت أعرف هذه الأداة من قبل وتوسمت فيها فائدة كبيرة لربما ليس لإنتاج الأعمال الخطاطية لحد ذاتها فقط ولكن لخدمة التصميم الطباعي أيضاً. فالحاجة لا تزال قائمة لزيادة القيمة الجمالية للصفحات الطباعية العربية الحديثة وخاصية على الإنترنت.
وانطلاقاً من مبدأ التضاد التصميمي (contrast) رغبت في تجربة منصة كليم في تنفيذ فكرة البدايات الزخرفية لفقرات النص على طريقة الـ(drop caps). فبالإضافة الى ما يمكن أن يضيف ذلك الى الصفحة من القيمة الجمالية فإن ذلك قد يضفي أيضاً مسحة من الأصالة مما يأتي من إستخدام الخطوط العربية التقليدية التي تختزن قروناً طويلة من الجهد البشري في الإبداع الجمالي.
وقد كانت تجربة إنتاج الخطوط على منصة كليم ممتعة للغاية لما توفره من السهولة في توليد الأشكال الخطاطية وتعديلها نحو تحقيق الغاية التصميمية خاصة من خلال المنزلقات التي تتحكم في شكل العناصر الخطاطية.
خطوط إنترنت جديدة
لفت نظري مؤخراً خط جديد استخدمته قناة البي بي سي العربية في عنونة بعض موادهم الوثائقية على الشاشة. ورغبت في معرفة المزيد عن هذا الخط فقد كان جميلاً ومميزاً. وبمقارنة تفاصيله مع ما أعرفه عن الخطوط العربية الحديثة استنتجت أنه خط Myriad من شركة أدوبي.
إلا أنني لم أطمئن الى هذه النتيجة لفرق رئيسي واضح بين خط البي بي سي وخط ميرياد في شكل النقاط على الحروف. ولم أذهب في بداية الأمر الى موقع البي بي سي على الإنترنت للنظر تحت غطاء المحرك للتعرف على الخط الجديد. فقد كنت أعرف أن موقعهم يستخدم خط إسمه نسيم وهو تقليد رديء من عمل النمساوي تايتس نيميث لخط Adobe Arabic. إلا أنني وبعد أن أعياني البحث رجعت الى موقع البي بي سي لأجد الخط الجديد مستخدماً بالفعل على موقعهم أيضاً.
وظهر لي أن خط البي بي سي العربي الجديد هو إضافة الى خط BBC Reith من تصميم مكتب Dalton Maag. وبعد النظر الى تفاصيل التصميم لاحظت أنه هو الآخر تقليد لخط Myriad من عمل المصمم الأمريكي روبرت سليمباخ بمساعدة كارول توَمبلي. وعلى عكس خط نسيم فالتقليد كان متقناً حيث يظهر الخط الناتج واضحاً ومستقراً بشكل أفضل من الخط الأصلي.
وبدا لي حينها أن البي بي سي كانت أكثر جديّا في إظهار تمييزها من خلال سمة تجارية خاصة بها. إلا أن اهتمامي بهذا الخط قادني الى ملاحظة الخطوط العربية التي تستخدمها الشركات الأخرى في منطقتنا فوجدت أن شركة ماكدونلدز تستخدم خطاً عربياً شبيهاً جداُ بخط البي بي سي. وتبين لي أن خط الماكدونلدز العربي هو الآخر من صناعة مكتب Dalton Maag. كما لاحظت أن شركة إكيا تستخدم خطاً عربياً قريب الشبه وظهر لي أن هذا الخط هو من عمل شركة مونوتايب. أما شركة سامسونج فلها أيضاً خط مشابه وهو من تصميم البريطاني نيفيل برودي وفريقه.
وهنا أحب أن أنوه أن أسماء المصممين الذي ذكرتهم في الغالب تخفي مصممين آخرين من أهل الخط العربي يهمل ذكرهم في الغالب كما رأينا في حالة خط كاليبري. فقد تم إهمال ذكر مصمم الخط العربي في هذا الخط الرقمي من قبل الشركة المنتجة له.
إلا أننا لسنا بصدد السياسة اليوم وما يهمني في هذا الإستعراض هو إبراز ظاهرة استخدام الخطوط من النوع الذي ذكرناه على المواقع بدلاً من الخطوط الطباعية التقليدية. وهذه الخطوط هي من النوع الذي يسمى Low Contrast وذلك لقلة التباين في ضربة الخط وقد تحدثت عن هذا في مقالات عديدة على مدونتي. ومع أن هذه المعالجة ليست بالجديدة فهناك مثلاً خط درويد كوفي وأشباهه منذ فترة. والذي تستخدم أغلب المواقع العربية اليوم خطوطاً شبيهة له. وعلى خلاف الطابع الهندسي الكوفي (إن صح التعبير) للخطوط الشائعة فإن الخطوط الجديدة صنعت على قالب خط النسخ (إن جاز التعبير هنا أيضاً).
وتحديث خط النسخ بضربة قليلة التباين ليست هي الأخرى جديدة. فمثلاً خط تاهوما العربي العتيد أكثر شبهاً بخطوط النسخ من الخطوط الهندسية الكوفية. وكان هذا الخط هو اختيار شركة إكيا في البداية إلا أن عيوب هذا عند استخدامه في العناوين الكبيرة دعت الى تصميم خط أكثر تألقاً في الأحجام الكبيرة.
على كل حال، فقد أعددت ملف مضغوط يحتوي على حزمة من خطوط الإنترنت تم تحميلها من مواقع الشركات التجارية المذكورة لأجل أن تجربوا هذه الخطوط وتتعرفوا بشكل عملي على خصائصها. ويمكن تحميل الملف من هذا الرابط واستخدامها لأغراض تعليمية بحسبما يشير نص الحقوق المضمن في هذه الخطوط.
صفحة إنترنت لتجربة خطوط كليم مع خطوط الإنترنت الجديدة