بعد أن قمنا بتوضيح الأدوات والمواد المستخدمة في رسم المصاحف الحجازية بقي لنا أن نستعرض خصائص الخط الحجازي كخطوة أخيرة في سلسلتنا عن الخط الحجازي. وسيجد بعض القراء ثقلاً في هذه المقالة لما تحويه من الخصائص الفنية التي لا تروق في الغالب إلا للمتخصصين فأرجو المعذرة ممن ليس لهم فضول في معرفة تفاصيل قد عفى عنها الدهر وأصبحت شيئاً من الماضي.
ولقد أمضيت عدداً من الأشهر خلال هذه السنة في دراسة الخط الحجازي وتعلمت بعض الحقائق اللطيفة عنه. وبالرغم من أهمية هذا الخط فيما يتعلق بجذور وأصل الخط العربي فإن المعلومات المتوفرة عنه قليلة (وخاصة بالعربية) والإهتمام به قليل (وخاصة عند العرب). ولا أدّل من ذلك إلا هذا الفلم الوثائقي الذي ظهر على قناة الجزيرة الوثائقيةمنذ فترةوهو مليء بالأخطاء التاريخية والفنية فيما يتعلق بالحرف الحجازي.
وظاهرة قلة المعرفة بالخط الحجازي لها أسباب، نذكر منها صعوبة قراءة النص لغرابة شكل الحروف في نصوص المخطوطات الحجازية عمّا يعرفه ويألفه القارئ العربي المعاصر هذا بالإضافة الى ضياع النسخ الأصلية للمخطوطات الحجازية من بين أيدي أهلها حيث آل أكثر المخطوطات الى الجامعات والمتاحف الأجنبية. وأخيراً نذكر سطوة الخطوط العربية المتأخرة – وخاصة الخطوط العثمانية كالثلث والنسخ، والفارسية كخط التعليق – على الخطوط القديمة وذلك للفارق في المستوى الجمالي والتجويد في الصنعة الذي تتمع به الخطوط المتأخرة.
وسأحاول أن أعرض خصائص الخط الحجازي من خلال الرسوم والصور التوضيحية واعتماداً في الغالب على المصادر الغير عربية. وسأجتهد بعون الله في أخذ المفيد والصحيح من تلك المصادر حيث لا بد من التعامل معها بنظرة فاحصة وناقدة لكونها تمثل نظرة غربية وأحياناً غريبة عن الثقافة العربية. ولا بد هنا من الإشارة الى موقع مميز وموسوعي أقامه بعض الباحثين للرد على الشبهات والتشويهات التي تأتي من المصادر الغربية وهو موقع Islamic Awareness.
وبهذا أكون بفضل الله قد وضحت ما توصلت إليه من خصائص الخط الحجازي من خلال دراستي له خلال هذه السنة التي أوشكت على الإنتهاء. وأرجو الله الكريم أن يوفقني في التوسع في هذا المبحث ونشره في كتاب في المستقبل بإذنه تعالى. ونحمد الله على فضله إنه لطيف لما يشاء وهو العزيز القدير. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تحياتي لك استاذي..
من الجميل ان نجد محتوى عربي يناقش هذه القضايا بعد غياب طويل للابحاث العربية عن الساحة ( لا يزال هذا الوضع قائما الى الان للاسف ) .. بالنسبة للخط الحجازي فقد اعيد الاهتمام به على يد الباحثين الشهيرين سيرجيو نوصيدا وفرانسوا ديروش والاخير عكف على ارشفة مخطوطات المكتبة الوطنية في باريس BNF ولا يزال الكاتلوغ الذي اصدره ركيزة اساسية لجميع الباحثين التاليين له لكنه مع ذلك لا يزال بحاجة الى استدراك وتصحيح في كثير من التفاصيل خاصة انه قد اهمل الروايات العريية المتعلقة بهذا الشأن في الوقت الذي ركز فيه على ناحية بالوغرافية بحتة (وارجو ان اسد هذا النقص مستقبلا خلال بحث اعمل عليه حاليا ) ..
حتى لا اطيل عليكم سألخص لكم بعض الاستنتاجات التي توصلت اليها على امل ان افصل فيها بشكل افضل لاحقا :
1-علينا ان نعيد النظر في الصورة القاتمة التي ترسمها المصادر العربية لواقع الكتابة في الجزيرة العربية قبيل الاسلام فالواقع يبدو بفضل الادلة الاخيرة المكتشفة في الحجاز ( قرية الفاو مثلا ) مختلفا تماما عن تلك الصورة التي ترسمها المراجع العربية خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار وجود نسبة كبيرة من التجار الذين تشكل الكتابة حاجة ملحة لهم ( هنا يبرز قضية دور مكة في هذا الجانب مقارنة بالمجتمعات الزراعية في المدينة مثلا وقصة فداء الاسرى بعد بدر اوضح دليل على ذلك )
2- تسمية الخط الحجازي بهذا الاسم لا يوجد ما يؤيده تاريخيا بل لا يبدو ان مؤلف الفهرست قد عرف هذا الخط اصلا واذا بحثنا عن تسمية هذا الخط في المصادر العربية نجد ان التسمية الاقرب اليه هي المشق والجزم وهناك اسباب توضح هذه التسميات ليس هنا مجال لذكرها
3- قد تستغرب ان اهم تحول في الخط لم يحدث في سوريا اوالعراق او غيرها من المراكز الحضرية القديمة بل حدث في الحجاز وبالمناسبة فما احدثه الحجازيون تجاوز من حيث الانتشار والتنوع ما قدمه الاخرون بكثير وهي مساهمة لا يمكن مقارنتها الا بما احدثه الحجازيون انفسهم في الموسيقى.
4- ان الفترة التي كتبت بها هذا الخط لا تتعدى القرن الاول الهجري في الواقع ان الخطاطين المسلمين تجاوزوا هذا الخط في زمن مبكر جدا ومن هنا تكتسي المصاحف المكتوبة بهذا الخط اهميتها
5- وهي نقطة طرحها الان جورج سابقا وهي ان التطور الكبير في الخطوط قد تم بموازاة التطور المعماري في العالم الاسلامي
6- يبدو ان استعمال الورق قد تم خلال العصر الاموي الاول وهناك اشارة غير واضحة الى ذلك في الفهرست كذلك هناك اشارات الى مكتبات ونساخين محترفين في نفس الفترة في مصادر اخرى
7- قضية اخرى طرحها ديروش وهي قضية النسخ الجماعي للمخطوطات لا اعلم هل هي شبيهة بتلك الحالة الموجودة في روما ؟
هذا ما يحضرني حاليا هناك ملاحظات اخرى لا تزال في المسودات عندي ولكنها ليست بين يدي حاليا ..
ختاما الفت نظرك الى كتابي ديروش الاساسيين في هذا الموضوع وهما the abbasid transmission + كتابه الاخير والمهم حول المصاحف الاموية والاخير موجود لدي pdf اذا رغبت يمكنني ارساله اليك.. اكرر شكري لك لالتفاتك لهذا الموضوع واعتذر على الاطالة عليك
أشكرك جزيل الشكر على هذه المداخلة الغنية والنقاط التي ثبتّها. وقد تسنى لي الحصول على كتاب ديروش “المصاحف الأموية” وأقوم الآن بقراءته وسأكون ممتناً إذا أرسلتم الي الكتاب الآخر الذي ذكرته في المداخلة.
إن قدرة الباحث الغربي في الوصول الى الأصول وتحليل المعطيات المختلفة وتأليف ونشر أبحاثهم تفوق ما هو متاح لنا. والإسترشاد بمنهجيتهم والحقائق التي يعتمدون عليها مفيدة جداً ولكن حذري الأكبر من المرامي التي يحاولون إثباتها والتي تكون أحياناً خطيرة.
والنقاط التي تفضلتم بذكرها غنية وهي مادة نقاش مفيد يمكن أن نتداوله في المستقبل خاصة بعد الإنتهاء من بحثكم والذي أسال الله أن يوفقكم فيه الى إعطاء الصورة الأوضح عن الخطوط والمصاحف الحجازية.
وبمناسبة التسمية وحيث أنها عنوان السلسلة التي فرغت منها، فهي -وكما تفضلتم- غير موجودة قديماً. ولديروش قول في هذا حيث أنه يتقبل هو الآخر هذه التسمية على الإفتراض المقبول أن الخط المكي والخط المدني لا يختلف الواحد منه عن الآخر كثيراً وهو يستشهد مثل ما فعلت أنت بقرار النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في الفداء بعد بدر حيث أن خط أهل مكة ينفع تعليمه لأبناء أهل المدينة لتشابههما. وانطلاقاً من هذا التشابه يمكن جمع هذا الخط بتسمية الخط الحجازي في تعاطينا الحديث لوصف هذا الخط.
ختاماً أتمنى لكم مرة أخرى كل التوفيق وسأكون ممتناً ومتشرفاً بما تشاركوننا فيه من المعرفة والملاحظات والمصادر.
هو كما تفضلت استاذي .. قدرة الباحث على الوصول للمصادر هي الركيزة الاساسية .
فرانسوا ديروش عندما قام بكتابة بحثه عن مخطوطات المصاحف لم يكتفي بدراسة الارشيف الضخم في مكتبة باريس بل تم ارساله الى تركيا لدراسة التركة الضخمة من المخطوطات القديمة والتي كانت محفوظة بالجامع الاموي قبيل انهيار الدولة العثمانية وهناك تكفلت به جهة اسمها المعهد الفرنسي لدراسة الشرق الادنى وهي جهة تتبع لوزارة الخراجية الفرنسية مباشرة وتتيح للباحثين (من يتقن الفرنسية بغض النظر عن جنسيته) اقامة مجانية ومكتبة ضخمة تطفح بالمراجع والابحاث هذا عدا النفقات المرسلة اليه طوال فترة تحضير البحث العلمي … والنتيجة اصغر بروفيسور يدرس في ارقى معهد علمي في فرنسا “كوليج دو فرانس” في المقابل ترى جماعتنا يتعاملون مع هذه المخطوطات كسر من اسرار الدولة مثلا في حالتي انا شخصيا عندما طلبت مخطوطات من مصر كان يجب علي ان اطلب هذا المخطوط بهدف تحقيقه في رسالة دكتوراة او ماجستير فقط وعدا هذا فلا يمكن أن افكر في طلبه اصلا وعندما تلجأ لجهات مخصصة لخدمة الباحثين كمعهد المخطوطات يكون الجواب جواب استفساري بعد 5 اشهر! وبعد أن تؤكد طلب المخطوط وتبدي استعدادا لتحمل تكلفة تصويره تنتظر جواب طلب لا يصلك حتى هذه اللحظة (هذا الكلام منذ سنتين).
قد اتفهم اني في مجال بعيد عن الموضوع نوعا ما كوني مهندس معماري وهذا قد يكون صحيحا لكن الحال لا يقتصر علي او على هذا التخصص فهناك معاناة لدى كثيرين غيري ولحسن الحظ فهناك بدائل اخرى متوفرة كسماسرة المخطوطات او المتطوعين لنشر المخطوطات على الانترنت كمشرف الشهري او المواقع شراء الصور كوزارة السياحة التركية. الا ان هذا كله لا يرتقي للجهود التي تبذلها اروبا وامريكا حاليا يكفي ان تعلم ان هناك ميزانية تقدر بالمليارات لتوفير جميع الارشف الموجود في المكتبات الاروبية الكترونيا وان هناك مشروع فرنسي – الماني قديم لدراسة المخطوطات القرانية القديم يشرف عليه ديروش شخصيا .. من المؤكد انك لمست هذا الامر وانت تحضر لابحاثك.
اعتذر عن الاطالة في هذه النقطة بالذات لكني اقولها لاني اعلم ان الكثير من الحالمين يطالبون اليوم بعودة هذه المخطوطات الى “بلاد المسلمين” وكأنهم تناسوا ان غالبيتها (باستثناء ما سلبته فرنسا) قد تم بيعها لهؤلاء بأبخس الاثمان من الذين كانوا مؤتمنين عليها (ولا تزال قصة سرقة مخطوطة الربيع من المعرض المخصص لها في دار الكتب حاضرة الى الان)
وبعيدا عن ذلك ولو تغاضينا عن دور الحكومات فهناك مسؤولية للافراد تجاه تراثهم لا نجدها للأسف محققة على ارض الواقع ولهذا فانا احترم فعلا قيامك بدخول حقل الالغام هذا (وقد اخبرتني بنيتك هذه في تعليق سابق) وانا عالم بالمشقة التي ترافق مثل هذه البحوث لكنه الطريق الوحيد لتحديد تطور الخط العربي من الاساس.
حتى لا اطيل التعليق اكثر من هذا الطول استعرض بعجالة بعض النقاط
– بالنسبة للنقاط الاخرى كتسمية الحجازي والمكي والمدني فأنا اختلف مع ديروش في هذه المسميات واسقاطها على الخطوط التي زعم انها تنتمي لها .. بالنسبة لي فالمكي والمدني خطان مختلفان تماما وهما قديمان نعم لكنهما ظلا مستخدمين الى القرن السادس تقريبا وكدليل على هذا فهناك – بالاضافة للادلة الاثرية – اشارة في رسالة التوحيدي الى وجودها في اواخر القرن الرابع. (تصنيف التوحيدي يتميز عن تصنيف ابن النديم بكونه مخصص للحديث عن الخطوط المتداولة بين الخطاطين من خارج الديوان بينما ابن النديم فتصنيفه مخصص لخطوط المصاحف فقط )
– فيما يخص تسمية المائل فهنا نقطة خاطئة استاذي الكريم وهي ليست خطأك بل الخطأ مصدره نوع الطبعة المعتمدة للفهرست فالطبعات الادق للكتاب (بالاخض تحقيق فؤاد سيد المعتمد على مخطوطات منقولة من خط المؤلف) توضح أن التسمية الاصح هي المنابذ (اصلا من غير المنطقي ان يتحدث عن 3 تسميات لنفس الخط) هذا في الحقيقة يؤكد ما ذهبت اليه ان ابن النديم لم يعرف مصاحف مكتوبة بالخط الحجازي بل عرف وثيقة واحدة مكتوبة بهذا الخط وصفها بأنها شبيهة بخط النساء لرداءة الخط.
-بالرغم من اقتصار الباحثين على الفهرست الا انهم اهملوا جانبا مهما من الكتاب وهو الذي يتعلق بمقارنة الخط العربي بالخطوط الاخرى . ولا يبدو ان احدا منهم باستثناء أ. جورج قد التفت الى هذا الجانب. للاسف فاهمال الكتب العرب وهم اعلم الناس بخطوطهم سبب تخبط الكثير من الباحثين في متاهة لا مخرج منها ولو رجعنا الى كلام آخرين كابن قتيبة وابن السراج والداني والبغدادي وحمزة الاصفاني غيرهم الكثير لوجدنا أنهم وان كانوا لا يتكلمون عن الخطوط القديمة حصرا الا اننا لا نعدم اشارات قليلة تفيدنا بشكل أو بآخر الى هذه الخطوط
-النقطة الاخيرة التي اود ان يتم الالتفات اليها هي قيمة مصدر غير متوقع وهو كتب السحر والشعوذة والمعمى وهي تمتلك ميزة تتفوق فيها على النصوص الادبية وهي ميزة النماذج الخطية والتي لا نراها الا نادرا جدا في الكتب .
اكرر شكري واعتذاري على الاطالة الشديدة واستهلاك وقتكم
بارك الله فيك أخي العزيز قيس على هذه الإيضحات المهمة والتي تنم عن معرفة ودراية بشأن الخط الحجازي وستكون بعض المراجع التي ذكرتها الروضة التي سأجول بها في الأيام القادمة.
بارك الله فيك وجزاك خيراً وسأكون مسروراً للمساعدة في بحثكم – خاصة وأنني أشاركك التخصص في الهندسة المعمارية.
مع كل الشكر والتقدير والإحترام.
بالنسبة للكتاب فانا نسيت ان اذكره سابقا لكني للاسف لا امتلك نسخة الكترونية الا لكتاب المصاحف الاموية اما الكتاب الاخر او كاتلوج مجموعة خليل فهي عندي ككتاب ورقي وهو من الضخامة بحيث يتعذر علي تصويره لكني امتلك نسخة pdf لكتاب آخر غيره لديروش هو كتاب La transmission écrite du Coran dans les débuts de l’islam ويوجد ملخص بالاجليزية في آخره وهو يتناول المخطوطة الشهيرة الموجودة في باريس-بيترسبيرج والتي خصص لها فصلا كاملا في كتابه المصاحف الاموية سارسه لو اردت عبر الايميل
وهذا ايميلي لو اردت اعلامي qais.qudah@gmail.com
– على الهامش هذا موقع الكوربوس كورانيوم الذي يشرف عليه ديروش وفيه صور كثير من المخطوطات القديمة جدا http://corpuscoranicum.de/
أديت ووفيت وجزاك الله كل الخير وكل الشكر على المعلومات المفيدة.
تمنياتنا لكم دائماً بكل ما هوخير.
مع خالص محبتي وتقديري
استطعت الحصول على الموارد المذكورة في الملاحظات أعلاه وقمت بتحميلها على موقع مشروع جديد أقوم بالعمل عليه لبناء نموذج عملي ومعرفي للخط الحجازي. وللراغبين في الحصول على الموارد يمكن زيارة الصفحة:
م. خالد اولاً اشكركم على مجهوكم في جمع هذه المعلومات والمصادر لتوثيق تاريخ الخط العربي وتطوره. وكذلك اشكر الاستاذ قيس على ملاحظاته الرائعة التي سردها واتمنى ان يكون وفق في بحثة الذي ذكره.
ثانياً اود ان اسأل ان كان هناك ترجمة لهذه الكتب الأجنبية للعربية حتى يستفيد بها القارئ العربي؟
كما تعلمون المواقع العربية تعج بالكثير من المعلومات المغلوطة والخاطئة عن الخط العربي وتاريخة.
اتمنى ان يكون هناك ما اساهم به لجعل هذه المعلومات متاحة للجميع وتوثيق هذه المعلومات بالعربية
بالنسبة للكتب المترجمة في هذا المجال فإن الكتاب الوحيد الذي وجدته مترجماً بالعربية هو كتاب “المخطوطات الإسلامية” للباحث الفرنسي فرانسوا ديروش. وقد كان هناك رابط على الإنترنت الى هذه الترجمة بحثت عنه اليوم ولم أستطع أن أجده.
وملاحظتك حول ضعف المحتوى العربي وعدم قدرته على إعطاء الموضوع المنزلة التي يستحقها صحيحة مئة في المئة. والمشكلة بدأت قديماً في الواقع حيث اندثرت الكثير من المعارف المتعلقة بهذا الموضوع. ولربما لم يبق منها سوى إشارة إبن النديم في كتابه الفهرست الذي ألهم الكثيرين للبحث عن الخطوط التي يذكرها في كتابه.
ولقد سرّني كثيراً أنك ترغب في المساهمة في زيادة المعارف العربية في هذا المجال فالعمل مطلوب لاستعادة هذا الإرث الثقافي المصادر. وبالرغم من وجود العديد من الطرق التي يمكن المساهمة من خلالها إلا أن الأمر يعتمد في النهاية على ميولك وإمكانياتك. ولربما يكون الأفضل من الترجمة هو كتابة المقالات النقدية لأعمال كل من الباحثين العرب والمستشرقين وبيان الجوانب الإيجابية والسلبية في عمل كل منهما.
ختاماً أشكرك مرة أخرى وأتمنى لك التوفيق في كل ما تسعى إليه.
العَوْدُ أحمدُ! مقالة غنية ومميزة كما عودتمونا، تحياتي الطيبة لكم أستاذنا العزيز، نحن نتظر جديدكم بشوق دائمًا، بارك الله لكم في وقتكم، ونفع بكم.
حياك الله أخي أبو الحسن الحسني ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لكل خير.
ولست أنا بأقل إعجاباً بأعمالكم على مدونتكم الأوابد (http://alawabed.net/)
مع خالص محبتي وتقديري.
تحياتي لك استاذي..
من الجميل ان نجد محتوى عربي يناقش هذه القضايا بعد غياب طويل للابحاث العربية عن الساحة ( لا يزال هذا الوضع قائما الى الان للاسف ) .. بالنسبة للخط الحجازي فقد اعيد الاهتمام به على يد الباحثين الشهيرين سيرجيو نوصيدا وفرانسوا ديروش والاخير عكف على ارشفة مخطوطات المكتبة الوطنية في باريس BNF ولا يزال الكاتلوغ الذي اصدره ركيزة اساسية لجميع الباحثين التاليين له لكنه مع ذلك لا يزال بحاجة الى استدراك وتصحيح في كثير من التفاصيل خاصة انه قد اهمل الروايات العريية المتعلقة بهذا الشأن في الوقت الذي ركز فيه على ناحية بالوغرافية بحتة (وارجو ان اسد هذا النقص مستقبلا خلال بحث اعمل عليه حاليا ) ..
حتى لا اطيل عليكم سألخص لكم بعض الاستنتاجات التي توصلت اليها على امل ان افصل فيها بشكل افضل لاحقا :
1-علينا ان نعيد النظر في الصورة القاتمة التي ترسمها المصادر العربية لواقع الكتابة في الجزيرة العربية قبيل الاسلام فالواقع يبدو بفضل الادلة الاخيرة المكتشفة في الحجاز ( قرية الفاو مثلا ) مختلفا تماما عن تلك الصورة التي ترسمها المراجع العربية خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار وجود نسبة كبيرة من التجار الذين تشكل الكتابة حاجة ملحة لهم ( هنا يبرز قضية دور مكة في هذا الجانب مقارنة بالمجتمعات الزراعية في المدينة مثلا وقصة فداء الاسرى بعد بدر اوضح دليل على ذلك )
2- تسمية الخط الحجازي بهذا الاسم لا يوجد ما يؤيده تاريخيا بل لا يبدو ان مؤلف الفهرست قد عرف هذا الخط اصلا واذا بحثنا عن تسمية هذا الخط في المصادر العربية نجد ان التسمية الاقرب اليه هي المشق والجزم وهناك اسباب توضح هذه التسميات ليس هنا مجال لذكرها
3- قد تستغرب ان اهم تحول في الخط لم يحدث في سوريا اوالعراق او غيرها من المراكز الحضرية القديمة بل حدث في الحجاز وبالمناسبة فما احدثه الحجازيون تجاوز من حيث الانتشار والتنوع ما قدمه الاخرون بكثير وهي مساهمة لا يمكن مقارنتها الا بما احدثه الحجازيون انفسهم في الموسيقى.
4- ان الفترة التي كتبت بها هذا الخط لا تتعدى القرن الاول الهجري في الواقع ان الخطاطين المسلمين تجاوزوا هذا الخط في زمن مبكر جدا ومن هنا تكتسي المصاحف المكتوبة بهذا الخط اهميتها
5- وهي نقطة طرحها الان جورج سابقا وهي ان التطور الكبير في الخطوط قد تم بموازاة التطور المعماري في العالم الاسلامي
6- يبدو ان استعمال الورق قد تم خلال العصر الاموي الاول وهناك اشارة غير واضحة الى ذلك في الفهرست كذلك هناك اشارات الى مكتبات ونساخين محترفين في نفس الفترة في مصادر اخرى
7- قضية اخرى طرحها ديروش وهي قضية النسخ الجماعي للمخطوطات لا اعلم هل هي شبيهة بتلك الحالة الموجودة في روما ؟
هذا ما يحضرني حاليا هناك ملاحظات اخرى لا تزال في المسودات عندي ولكنها ليست بين يدي حاليا ..
ختاما الفت نظرك الى كتابي ديروش الاساسيين في هذا الموضوع وهما the abbasid transmission + كتابه الاخير والمهم حول المصاحف الاموية والاخير موجود لدي pdf اذا رغبت يمكنني ارساله اليك.. اكرر شكري لك لالتفاتك لهذا الموضوع واعتذر على الاطالة عليك
أخي العزيز قيس،
أشكرك جزيل الشكر على هذه المداخلة الغنية والنقاط التي ثبتّها. وقد تسنى لي الحصول على كتاب ديروش “المصاحف الأموية” وأقوم الآن بقراءته وسأكون ممتناً إذا أرسلتم الي الكتاب الآخر الذي ذكرته في المداخلة.
إن قدرة الباحث الغربي في الوصول الى الأصول وتحليل المعطيات المختلفة وتأليف ونشر أبحاثهم تفوق ما هو متاح لنا. والإسترشاد بمنهجيتهم والحقائق التي يعتمدون عليها مفيدة جداً ولكن حذري الأكبر من المرامي التي يحاولون إثباتها والتي تكون أحياناً خطيرة.
والنقاط التي تفضلتم بذكرها غنية وهي مادة نقاش مفيد يمكن أن نتداوله في المستقبل خاصة بعد الإنتهاء من بحثكم والذي أسال الله أن يوفقكم فيه الى إعطاء الصورة الأوضح عن الخطوط والمصاحف الحجازية.
وبمناسبة التسمية وحيث أنها عنوان السلسلة التي فرغت منها، فهي -وكما تفضلتم- غير موجودة قديماً. ولديروش قول في هذا حيث أنه يتقبل هو الآخر هذه التسمية على الإفتراض المقبول أن الخط المكي والخط المدني لا يختلف الواحد منه عن الآخر كثيراً وهو يستشهد مثل ما فعلت أنت بقرار النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في الفداء بعد بدر حيث أن خط أهل مكة ينفع تعليمه لأبناء أهل المدينة لتشابههما. وانطلاقاً من هذا التشابه يمكن جمع هذا الخط بتسمية الخط الحجازي في تعاطينا الحديث لوصف هذا الخط.
ختاماً أتمنى لكم مرة أخرى كل التوفيق وسأكون ممتناً ومتشرفاً بما تشاركوننا فيه من المعرفة والملاحظات والمصادر.
مع خالص تقديري واحترامي
هو كما تفضلت استاذي .. قدرة الباحث على الوصول للمصادر هي الركيزة الاساسية .
فرانسوا ديروش عندما قام بكتابة بحثه عن مخطوطات المصاحف لم يكتفي بدراسة الارشيف الضخم في مكتبة باريس بل تم ارساله الى تركيا لدراسة التركة الضخمة من المخطوطات القديمة والتي كانت محفوظة بالجامع الاموي قبيل انهيار الدولة العثمانية وهناك تكفلت به جهة اسمها المعهد الفرنسي لدراسة الشرق الادنى وهي جهة تتبع لوزارة الخراجية الفرنسية مباشرة وتتيح للباحثين (من يتقن الفرنسية بغض النظر عن جنسيته) اقامة مجانية ومكتبة ضخمة تطفح بالمراجع والابحاث هذا عدا النفقات المرسلة اليه طوال فترة تحضير البحث العلمي … والنتيجة اصغر بروفيسور يدرس في ارقى معهد علمي في فرنسا “كوليج دو فرانس” في المقابل ترى جماعتنا يتعاملون مع هذه المخطوطات كسر من اسرار الدولة مثلا في حالتي انا شخصيا عندما طلبت مخطوطات من مصر كان يجب علي ان اطلب هذا المخطوط بهدف تحقيقه في رسالة دكتوراة او ماجستير فقط وعدا هذا فلا يمكن أن افكر في طلبه اصلا وعندما تلجأ لجهات مخصصة لخدمة الباحثين كمعهد المخطوطات يكون الجواب جواب استفساري بعد 5 اشهر! وبعد أن تؤكد طلب المخطوط وتبدي استعدادا لتحمل تكلفة تصويره تنتظر جواب طلب لا يصلك حتى هذه اللحظة (هذا الكلام منذ سنتين).
قد اتفهم اني في مجال بعيد عن الموضوع نوعا ما كوني مهندس معماري وهذا قد يكون صحيحا لكن الحال لا يقتصر علي او على هذا التخصص فهناك معاناة لدى كثيرين غيري ولحسن الحظ فهناك بدائل اخرى متوفرة كسماسرة المخطوطات او المتطوعين لنشر المخطوطات على الانترنت كمشرف الشهري او المواقع شراء الصور كوزارة السياحة التركية. الا ان هذا كله لا يرتقي للجهود التي تبذلها اروبا وامريكا حاليا يكفي ان تعلم ان هناك ميزانية تقدر بالمليارات لتوفير جميع الارشف الموجود في المكتبات الاروبية الكترونيا وان هناك مشروع فرنسي – الماني قديم لدراسة المخطوطات القرانية القديم يشرف عليه ديروش شخصيا .. من المؤكد انك لمست هذا الامر وانت تحضر لابحاثك.
اعتذر عن الاطالة في هذه النقطة بالذات لكني اقولها لاني اعلم ان الكثير من الحالمين يطالبون اليوم بعودة هذه المخطوطات الى “بلاد المسلمين” وكأنهم تناسوا ان غالبيتها (باستثناء ما سلبته فرنسا) قد تم بيعها لهؤلاء بأبخس الاثمان من الذين كانوا مؤتمنين عليها (ولا تزال قصة سرقة مخطوطة الربيع من المعرض المخصص لها في دار الكتب حاضرة الى الان)
وبعيدا عن ذلك ولو تغاضينا عن دور الحكومات فهناك مسؤولية للافراد تجاه تراثهم لا نجدها للأسف محققة على ارض الواقع ولهذا فانا احترم فعلا قيامك بدخول حقل الالغام هذا (وقد اخبرتني بنيتك هذه في تعليق سابق) وانا عالم بالمشقة التي ترافق مثل هذه البحوث لكنه الطريق الوحيد لتحديد تطور الخط العربي من الاساس.
حتى لا اطيل التعليق اكثر من هذا الطول استعرض بعجالة بعض النقاط
– بالنسبة للنقاط الاخرى كتسمية الحجازي والمكي والمدني فأنا اختلف مع ديروش في هذه المسميات واسقاطها على الخطوط التي زعم انها تنتمي لها .. بالنسبة لي فالمكي والمدني خطان مختلفان تماما وهما قديمان نعم لكنهما ظلا مستخدمين الى القرن السادس تقريبا وكدليل على هذا فهناك – بالاضافة للادلة الاثرية – اشارة في رسالة التوحيدي الى وجودها في اواخر القرن الرابع. (تصنيف التوحيدي يتميز عن تصنيف ابن النديم بكونه مخصص للحديث عن الخطوط المتداولة بين الخطاطين من خارج الديوان بينما ابن النديم فتصنيفه مخصص لخطوط المصاحف فقط )
– فيما يخص تسمية المائل فهنا نقطة خاطئة استاذي الكريم وهي ليست خطأك بل الخطأ مصدره نوع الطبعة المعتمدة للفهرست فالطبعات الادق للكتاب (بالاخض تحقيق فؤاد سيد المعتمد على مخطوطات منقولة من خط المؤلف) توضح أن التسمية الاصح هي المنابذ (اصلا من غير المنطقي ان يتحدث عن 3 تسميات لنفس الخط) هذا في الحقيقة يؤكد ما ذهبت اليه ان ابن النديم لم يعرف مصاحف مكتوبة بالخط الحجازي بل عرف وثيقة واحدة مكتوبة بهذا الخط وصفها بأنها شبيهة بخط النساء لرداءة الخط.
-بالرغم من اقتصار الباحثين على الفهرست الا انهم اهملوا جانبا مهما من الكتاب وهو الذي يتعلق بمقارنة الخط العربي بالخطوط الاخرى . ولا يبدو ان احدا منهم باستثناء أ. جورج قد التفت الى هذا الجانب. للاسف فاهمال الكتب العرب وهم اعلم الناس بخطوطهم سبب تخبط الكثير من الباحثين في متاهة لا مخرج منها ولو رجعنا الى كلام آخرين كابن قتيبة وابن السراج والداني والبغدادي وحمزة الاصفاني غيرهم الكثير لوجدنا أنهم وان كانوا لا يتكلمون عن الخطوط القديمة حصرا الا اننا لا نعدم اشارات قليلة تفيدنا بشكل أو بآخر الى هذه الخطوط
-النقطة الاخيرة التي اود ان يتم الالتفات اليها هي قيمة مصدر غير متوقع وهو كتب السحر والشعوذة والمعمى وهي تمتلك ميزة تتفوق فيها على النصوص الادبية وهي ميزة النماذج الخطية والتي لا نراها الا نادرا جدا في الكتب .
اكرر شكري واعتذاري على الاطالة الشديدة واستهلاك وقتكم
بارك الله فيك أخي العزيز قيس على هذه الإيضحات المهمة والتي تنم عن معرفة ودراية بشأن الخط الحجازي وستكون بعض المراجع التي ذكرتها الروضة التي سأجول بها في الأيام القادمة.
بارك الله فيك وجزاك خيراً وسأكون مسروراً للمساعدة في بحثكم – خاصة وأنني أشاركك التخصص في الهندسة المعمارية.
مع كل الشكر والتقدير والإحترام.
بالنسبة للكتاب فانا نسيت ان اذكره سابقا لكني للاسف لا امتلك نسخة الكترونية الا لكتاب المصاحف الاموية اما الكتاب الاخر او كاتلوج مجموعة خليل فهي عندي ككتاب ورقي وهو من الضخامة بحيث يتعذر علي تصويره لكني امتلك نسخة pdf لكتاب آخر غيره لديروش هو كتاب La transmission écrite du Coran dans les débuts de l’islam ويوجد ملخص بالاجليزية في آخره وهو يتناول المخطوطة الشهيرة الموجودة في باريس-بيترسبيرج والتي خصص لها فصلا كاملا في كتابه المصاحف الاموية سارسه لو اردت عبر الايميل
وهذا ايميلي لو اردت اعلامي qais.qudah@gmail.com
– على الهامش هذا موقع الكوربوس كورانيوم الذي يشرف عليه ديروش وفيه صور كثير من المخطوطات القديمة جدا http://corpuscoranicum.de/
أديت ووفيت وجزاك الله كل الخير وكل الشكر على المعلومات المفيدة.
تمنياتنا لكم دائماً بكل ما هوخير.
مع خالص محبتي وتقديري
استطعت الحصول على الموارد المذكورة في الملاحظات أعلاه وقمت بتحميلها على موقع مشروع جديد أقوم بالعمل عليه لبناء نموذج عملي ومعرفي للخط الحجازي. وللراغبين في الحصول على الموارد يمكن زيارة الصفحة:
https://github.com/khalidalabdullah/hijazifont/tree/master/Literature/Deroche
السلام عليكم
م. خالد اولاً اشكركم على مجهوكم في جمع هذه المعلومات والمصادر لتوثيق تاريخ الخط العربي وتطوره. وكذلك اشكر الاستاذ قيس على ملاحظاته الرائعة التي سردها واتمنى ان يكون وفق في بحثة الذي ذكره.
ثانياً اود ان اسأل ان كان هناك ترجمة لهذه الكتب الأجنبية للعربية حتى يستفيد بها القارئ العربي؟
كما تعلمون المواقع العربية تعج بالكثير من المعلومات المغلوطة والخاطئة عن الخط العربي وتاريخة.
اتمنى ان يكون هناك ما اساهم به لجعل هذه المعلومات متاحة للجميع وتوثيق هذه المعلومات بالعربية
وشكراً لكمز
محمد بكر
عليكم السلام عزيزي محمد بكر وشكراً على ملاحظتك.
بالنسبة للكتب المترجمة في هذا المجال فإن الكتاب الوحيد الذي وجدته مترجماً بالعربية هو كتاب “المخطوطات الإسلامية” للباحث الفرنسي فرانسوا ديروش. وقد كان هناك رابط على الإنترنت الى هذه الترجمة بحثت عنه اليوم ولم أستطع أن أجده.
وملاحظتك حول ضعف المحتوى العربي وعدم قدرته على إعطاء الموضوع المنزلة التي يستحقها صحيحة مئة في المئة. والمشكلة بدأت قديماً في الواقع حيث اندثرت الكثير من المعارف المتعلقة بهذا الموضوع. ولربما لم يبق منها سوى إشارة إبن النديم في كتابه الفهرست الذي ألهم الكثيرين للبحث عن الخطوط التي يذكرها في كتابه.
ولقد سرّني كثيراً أنك ترغب في المساهمة في زيادة المعارف العربية في هذا المجال فالعمل مطلوب لاستعادة هذا الإرث الثقافي المصادر. وبالرغم من وجود العديد من الطرق التي يمكن المساهمة من خلالها إلا أن الأمر يعتمد في النهاية على ميولك وإمكانياتك. ولربما يكون الأفضل من الترجمة هو كتابة المقالات النقدية لأعمال كل من الباحثين العرب والمستشرقين وبيان الجوانب الإيجابية والسلبية في عمل كل منهما.
ختاماً أشكرك مرة أخرى وأتمنى لك التوفيق في كل ما تسعى إليه.
مع خالص تقديري واحترامي
خالد العبدالله
قام بإعادة تدوين هذه على tariq design.